استشاراتالزواج

طالب وأريد الزواج ممن أحب

  • السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله، وجزاكم الله خيرا على إحسانكم ومساعدتكم لنا..

أنا شاب في بداية مشواري العملي وأعرف فتاة متدينة، لازالت تدرس في الكلية، أنا فعلا أريد العفاف ولكن ظروفي العائلية جعلتني محتارا، ومع ذلك صارحتها أنه يجب أن أتقدم لخطبتها رغم هاته الظروف، لكن هي من رأيها ليس الآن ريثما تنتهي من دراستها وأكون بذلك قد كونت نفسي، وأنه ما دمنا مع بعضنا البعض فلنتريث..

ولاحظت من كلامها أن المهم عندها ليس إكمال دراستها وإنما أن أكون مستعدا بما فيه الكفاية للتقدم لها حتى يرضوا أهلها.. أنا فعلا محتار وخائف؛ لأني مؤخرا لامست يدها، لا أعرف كيف لكني محتار.. لا أريد معصية الله أكثر مما أنا فيه، أرجو من الله المغفرة، وأنا فعلا أحبها وأريدها كزوجة.. فهل أشرح لها الموقف؟

وماذا أفعل إن كانت مصرة على التريث؟ أريد نصحكم جزاكم الله خيرا..

 

  • الجواب:

الأخ الفاضل:
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير.

  • سؤالك له شقان: شق اجتماعي، وشق إيماني..

أما ما يخص الشق الاجتماعي، فنرجو إرساله لصفحة مشاكل وحلول بالموقع، فهذا تخصصها.

أما عن الشق الإيماني، وهو خوفك من عدم الزواج بزميلتك لأنك مسست يدها، فلا شك أن من الإيمان أن يشعر المسلم بالخطأ الذي ارتكبه ولو كان صغيرا، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا سرتك الحسنة، وأسأت السيئة، فأنت مؤمن”، وكما ورد أن المسلم يرى ذنبه كالجبل، كاد يقع عليه، أما الكافر فلا يبالي بما فعل.

ونحن نشجع فيك هذا الإحساس، ونطلب منك أن تزيده في نفسك، وأن تعمق مراقبة الله تعالى فيك، فبالمراقبة يجعل الإنسان لنفسه ميزانا حساسا يزن به أموره كلها، ويدرك نصابها ومكانها عند الله تعالى.

كما أن وجود العلاقة التي يسعى أن تكون في إطارها الشرعي أمر محمود لك، غير أنه يجب عليك ألا تكون النية الصادقة وحدها كافية، فربما كانت النية صادقة، وجرت إلى معصية الله تعالى، فساعتها لا تنفع النية، وقد تكلم العلماء من أن العمل لا يكون مقبولا عند الله تعالى إلا إذا توافرت فيه النية والإخلاص، وأن يكون موافقا لشرع الله تعالى، ونحن نقدر تفكير زميلتك، فهي أكثر عقلانية منك، فهي لا تريد أن تتقدم لها وترفض من أهلها، ولكن عليك أن تتمهل في الأمر، وأن تخفف الكلام معها، لأن زيادته لن ينتج عنه إلا زيادة الشعور بالتعلق والحب، ولا تدري، لعل الله تعالى لم يكتب لكما أن تكونا زوجين، فتكون ساعتها نادما على ما قدر الله تعالى لكما، مع كون قدر الله تعالى كله خير للإنسان، ولو بدا منه بعض الشر والضرر، فذلك لأن عقولنا قاصرة لا تصل إلى حكمة الله تعالى التي يريدها لعباده.

ولكن يجب أن تعلم أن الله تعالى لا يقدر لعباده إلا الخير، ولو كان لك خير يعلمه الله تعالى في زواجك منها، فإنه سيقدره سبحانه وتعالى لك، لأن الله تعالى ما يحب أن يحرم عباده من خير لهم، ولكن يجب أن نوقن بعلم الله الذي أحاط كل شيء، وهو الذي لا يخفى عليه شيء.

لو أردت نصيحتي الإيمانية في أمرك، فإني أقول لك:
تقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة، وادعوه دائما أن يقدر لك الخير في أمرك وأمر زميلتك، وفوض الأمر لله تعالى، وقل “اللهم اقدر لنا الخير حيث كان” ولو نظرت إلى دعاء الاستخارة لوجدت فيه التفويض الكامل لله، “اللهم إني أستخيرك بعلمك” لأن الإنسان لا يعلم حقيقة الشيء “فإنك تعلم، ولا أعلم” فالله عالم بكل شيء، “وتقدر ولا أقدر” فالقدرة الحقيقية إنما هي لله، “وأنتم علام الغيوب” فالله تعالى يــــــرى ما لا نرى، ويعـــــلم ما لا نعلم، ويعـــــرف ما لا نعرف، فهو المحيــــط بكل، ولا يخفـــى عليه شيء.

ومرد ذلك حديث الثلاثة الذين آواهم المبيت في الغار، فتقدموا لله بصالح أعمالهم، وكان منهم رجل أحب ابنة عمه، ولكنه ترك الفاحشة معها بعد أن مكث بين شعبها، ولما توجه إلى الله بالدعاء أن يفرج عنه، توجه له بترك الحرام “اللهم إنه كانت لي ابنة عم أحبها أكثر ما يحب الرجال النساء، وكان من أمرها أنها طلبتي مني مالا، ولكني طلبت منها أن تملكني نفسها، فلما جلست بين شعبها، قالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، اللهم إن كنت تركتها ابتغاء وجهك، ففرج عنا ما نحن فيه”، فاترك الحرام، عسى أن يرزقك الله تعالى ما تركته من حلال.

وأسوق لك قصة حدثت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حيث أوصى رجلا أن يمسك له بالناقة حتى يصلي ركعتين في المسجد، فلما خرج وجد الناقة وحدها دون خطامها الذي تربط به، فطلب من أحد الغلمان أن يشتري له خطاما بدرهمين من السوق، فعاد الغلام بخطام الناقة المسروق، فقال علي رضي الله عنه: سبحان الله، تعجل رزقه، كنت قد نويت أن أعطيه درهمين مكافأة له، ولكنه تعجل وأخذهما بالحرام.

أخي، لعلنا نحرم كثيرا من أشياء كان يمكن أن تقدر لنا، لكن استعجلناها بالحرام، فحرمنا منها، فابن علاقتك على تقوى الله تعالى، وأكثر الدعاء أن ييسر الله تعالى لكما أمركما أن كان فيه خير، وأن يبعده عنكما أن كان فيه شر، وأن يتساوى الأمران في قلبيكما، وأن ترد الأمر لصـــــاحب الأمر، وهو اللـــــــه، العليــــم بعباده، الرحيــــــــــم بهم، فإنه سبحانه بنا رءوف رحيم.

نسأل الله سبحانه أن يقدر لنا الخير جميعا، وأن يقدر لكما ما فيه خيركما.
وتابعنا بأخبارك.

د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى