- السؤال:
الأخوة الكرام، السلام عليكم، ما رأيكم في أختٍ داعيةٍ تعيش في الغرب ولا تغطِّي شعرها، ولكنَّها تلبس ملابس فضفاضةً و.. إلخ من شروط زيِّ المرأة، ليس بسبب الاضطهاد أو ما شابه، ولكن لأنَّ الناس هناك “ينفرون” من المسلمين، فلا تتاح الفرصة حتى لإيصال كلمةٍ واحدة، وهي ترى أنَّ عدم تغطية الشعر يعطيها فرصةً أكبر للوقوف على قلوب الناس، فربَّما استطاعت أن تدخل يوماً ما، في حين أنَّ النفور لمجرَّد رؤيتها بهيئةٍ معيَّنةٍ يحرمها من هذه الفرصة… As they said: you don’t have a second chance to make a good first impression |
- الجواب:
إنَّ الإسلام احترم العقل، وجعل العقل في الشرع مناط التكليف، وقد رُفِع القلم عن المجنون والنائم والذي لم يبلغ الحلم لأنَّ عقله إمَّا غائب، وإمَّا لم يكتمل بعد، ومع هذا، فإنَّ الإسلام يعني الاستسلام لأمر الله، وهل يُتصوَّر أنَّ الله تعالى يفرض على الناس شيئاً يعذِّبهم به؟! الإجابة الطبيعيَّة: لا، فالله تعالى حينما فرض الحجاب فرضه لأنَّ هناك قبولاً ومَيْلاً بين الرجل والمرأة، ولمَّا كان لم يكن ليتركه هكذا كشهوة الحيوان، ضبطه سبحانه بأمور: بالحجاب الشرعيّ، وبغضِّ البصر، وبالسرعة في الزواج.
وأمَّا حجاب المرأة المسلمة فإنَّه قانونٌ إلهيٌّ لا يمكن لأحدٍ أن يجتهد فيه إلا ضمن الحدود الإلهيَّة، وهذا أمرٌ متَّفقٌ عليه بين المسلمين كافَّة، نعم اختلف المسلمون في حدود الحجاب، فمنهم من قال بأنَّه يجب أن تستر كلَّ بدنها، ومنهم من قال بأنَّه يجوز لها أن تُظهِر وجهها وكفَّيها، والأدلَّة القرآنيَّة تؤيد الرأي الثاني أكثر من الأوَّل، والمهمُّ في المقام عادةً أن نبحث عن فلسفة الحجاب، ولماذا أوجب الإسلام الحجاب على المرأة؟ أليس ذلك تقييداً من حريَّة المرأة، ومانعاً لها من ممارسة أعمالها؟ وقد أجاب العلماء عن هذه المسألة،
ويمكن أن نلخِّص إجابتهم في الجوانب التالية:
- أ – جانب الاحترام:
فالمرأة في الإسلام مخلوقٌ له كيانه واحترامه، فلأجل الحفاظ على احترامها أمرها بالحجاب كي لا تؤذى من الناس، ولكي تبقى مخلوقاً محترماً له كيانه وشخصيَّته المستقلَّة، وقد بيَّن القرآن الكريم هذا الجانب في قوله تعالى: “يا أيُّها النبيُّ قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يُدْنِين عليهنَّ من جلابيبهنَّ ذلك أدنى أن يُعرَفن فلا يُؤذَين”.
- ب – الجانب النفسيّ:
وهو إبقاء المجتمع في حالةٍ نفسيَّةٍ بعيدةٍ عن الإثارات التي تفسد أخلاقه، وتهيِّج غرائزه، فتعطِّله عن وظيفته الأساسيَّة في بناء المجتمع، لذلك أمر المسلمين كافَّةً رجالاً ونساء أن يغضُّوا من أبصارهم، أي لا ينظروا إلى بعضهم البعض نظرة تلذُّذ، وأمر الله المرأة بالحجاب، كي لا يكون هناك حرجٌ بين الناس.
- جـ – الجانب العائليُّ والاجتماعيّ:
لقد أكَّد الإسلام كثيراً على بناء الأسرة الجيِّدة في المجتمع، وكلُّ أمرٍ يقوِّي الرابطة العائليَّة بين الزوجين أَمَر به الإسلام، وكلُّ أمرٍ يؤدِّي إلى تفكيك كيان الأسرة نهى عنه الإسلام، وممَّا يؤدِّي إلى تقوية الرابطة العائليَّة أن يكون كلُّ زوجٍ خالصاً لزوجه، والحجاب وغضِّ البصر من الأمور التي تحقِّق ذلك، وهذا يؤدِّي إلى تقوية الرابطة الزوجيَّة والعلاقة العائليَّة، ممَّا يجعل من الأسرة مؤسَّسةً فعَّالةً في المجتمع، لأنَّ الزوج أو الزوجة عندما يكونان مطمئنِّين نفسيًّا يكون عطاؤهما أكبر ونشاطهما الفكريُّ أكثر.
من هنا تظهر حكمة التشريع الإسلاميِّ في ارتداء المرأة للحجاب.
- د. مسعود صبري