استشاراتالدعوة

إيماني أم الدعوة؟

  • السؤال:
كيف يوازن المسلم بين دوره في هداية المجتمع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ودوره في إصلاح نفسه والنجاة بها؟

 

  • الجواب:

الأخ الفاضل، أهلا ومرحبا بك..

تشيع ثقافة خاطئة بين عموم الناس، وهي ثقافة الاختيار بين الشيئين بشكل دائم، مع أنه يمكن الجمع بينهما، بل قد يكون هناك التحام بين الشيئين اللذين يظن أنهما مختلفان، فالعمل الدعوي هو طريق لنجاة الإنسان وإصلاح نفسه، وهو ما يشبه ما يقوله البعض: “إنك إن غسلت الثياب؛ نظفت يدك دون أن تقصد”.

فهكذا الدعوة إلى الله، فأنت تطهر نفسك من الوقوع في براثن الذنب بسيرك في طريق الدعوة، إذ الدعوة لها متطلبات، وعلى رأسها حسن الصلة بالله تعالى، فإذا كان الداعية يدعو الناس إلى العقيدة الصحيحة، فإن هذا يتطلب منه أن يحصن عقيدته ضد ما يخدشها، وإن كان يدعوهم للعبادات، فإن هذا يتطلب أن يكون هو ممن يحافظ عليها، بل يزيد في أدائها من النوافل، وإن كان يدعو الناس للأخلاق الحسنة، فإنه يتوجب عليه أن يتحلى بها هو أولا، وهكذا كل شيء يدعو الناس إليه، تدفعه الدعوة وتشحذ همته أن يكون في أوائل الصفوف.

فالزاد والتربية الروحية أساس الدعوة، وبدون هذا الزاد لن تكون هناك دعوة من أساسه، بل على الداعية أن يهتم بخاصة نفسه أولا، إنما يدعو الداعية إليه الناس هو ما يجب على الناس فعله، ولكنه قام مقام المرشد والموجه لأن يمتثل الناس ما أمر الله تعالى به، وأن يجتنبوا ما نهاهم الله عنه، ولهذا قيل في حق الداعية: “أصلح نفسك، وادع غيرك”، وهذان هما الجناحان اللذان يسير بهما الداعية في طريقه إلى الله.

 

  • ولكي تحقق التوازن، اجلس مع نفسك، وأمسك الورقة والقلم واكتب:

1- انظر الفرائض التي يجب عليك أداؤها، واحرص على أدائها بإتقان وخشوع.

 2- أكثر من النوافل؛ حتى تنال محبة الله تعالى، فإنك إن كنت تزيد على الفرائض بأداء النوافل، كان ذلك أدعى أن يفتح الله تعالى قلوب الناس بدعوتك إياهم لأداء الفرائض.

3- من أهم الزاد في حياة الداعية القرآن الكريم وقيام الليل والصيام والذكر، وأحسب أن هذه الأركان الأربعة لا يمكن لداعية أن يستغني عنها بأي حال من الأحوال، أما أن نقصر في القرآن والذكر والقيام والصيام؛ فإننا نبعد أنفسنا عن حظيرة الدعوة، ولو كنا فيها.

4- اهتم بأعمال القلوب؛ فليكن حب الناس أهم عباداتك القلبية، والخوف عليهم مما تتقرب به إلى الله، ورقق قلبك دائما ليكون محلا لفتوحات الله تعالى.

 5- اجتهد، وجاهد نفسك أن تبتعد عن معاصي القلوب أولا، ومعاصي الجوارح ثانيا؛ فإنها مهلكات معوقات لك عن دعوة الله تعالى.

 6- خذ من أعمال الدعوة ما تستطيع القيام به؛ فقليل دائم خير من كثير منقطع.

 7- هب نفسك وحياتك لله، لا تتأخر عن أي عمل دعوي مهما كان الأمر، إلا أن يكون عندك مانع حقيقي، يحول بحق بينك وبين دعوة الله، واعتذر عنه بلطف في القول، وقلبك متعلق بالعمل، حتى تنال ثوابه وإن لم تحضره.

 8- لا تحصر الدعوة على ما تنتمي إليه من فكر؛ بل كن داعية لله قبل أن تكون داعية للجماعة، ولا تحصر دعوتك في جماعتك؛ فكل عمل خير تقوم به سيكون في ميزان حسناتك، مع الانتفاع بما أنت فيه من عمل دعوي تنظيمي.

 9- الدعوة مع الناس في المقام الأول؛ فوازن بين الأعمال الإدارية في الدعوة والأعمال التي تخالط بها الناس؛ فهي العمل الحقيقي، والأخرى زاد للعمل، فلا يكن الزاد عملا، بل هو طاقة دافعة له.

 10- أخلص لله، واطلب منه دائما أن يمُنَّ عليك بطاعة الدعوة؛ فإنها لا توهب إلا من استخلصه الله واصطفاه، وإن كانت مفتوحة للجميع، ولكن الدوام عليها من نعم الله التي توجب الشكر.

 11- راجع نفسك كل فترة في تحقيق التوازن بين الزاد والدعوة، وسجل كل ما يخطر لك من أفكار حتى تنتفع بها.

وفقك الله لما يحب ويرضى.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى