استشاراتالوساوس

علاج القلق بالقرآن

  • السؤال:
هل القلق يعالج بالقرآن، الايمان، ام بالمهدئات عند الطبيب النفسي؟
كيف استعيد ثقتي بربي وان كل ما سيحدث لي مستقبلا من امراض وابتلاءات هي خير لي. 
كيف اقنع نفسي بهذا؟

 

  • الجواب:

بسم الله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد:

الأخ الفاضل:
تجدر الإشارة إلى أن القرآن الكريم هو كتاب هداية في المقام الأول، ولا أعني بالهداية المعنى المخصوص “هداية من الضلالة” بل هو هداية عامة، وقد ذكر الله تعالى عن القرآن في القرآن “فيه شفاء للناس”، وقال “شفاء لما في الصدور”، وهذا يعني أن القرآن والإيمان من أهم الوسائل التي تعين على العلاج من القلق، وهذا الكلام يقوله علماء النفس المسلمين، بل هناك دراسات أجريت في الغرب على أثر القرآن على المرضى النفسيين، فثبت بالتجربة أن ما يزيد على 70 بالمائة ممن سمعوا القرآن بالعربية من غير العرب، شفوا من مرضهم النفسي.

وهذا يعني أنه لا تناقض بين العلاج النفسي والقرآن، لأن القرآن من أهم ما يستفاد منه هو العلاج النفسي، وكثير من علماء النفس ينصح بالعمل الصالح والعبادات لمرضاهم، لإدراكهم أثر الإيمان على النفس.

وذلك أن الإنسان يتكون من جسد وروح، وكل خلل في الجسد فعلاجه بالكشف الطبي، وغذاء الجسد الطعام والشراب والراحة وغير ذلك، والروح حين تمرض فعلاجها الإيمان الصادق، وغذاء الروح هو الإيمان.

أما عن الابتلاءات والأمراض وغيرها، فإنها سنة الله تعالى في الكون، لا علاقة لها بمسلم أو غير مسلم، أرأيت كافرا لا يمرض؟ أرأيت إنسانا غير مسلم لا يبتلى في حياته؟ إننا دائما نضيق دائرة تفكيرنا، ودائما نلصقها بالإسلام و الإيمان، بل نصل إلى أن نتهم القدر في هذا.

ولو كان عندنا علم بديننا لاسترحنا، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم “لا بد للمرء من ثمانية، عسر ويسر، وفرح وحزن، واجتماع وفرقة، وصحة وسقم”، ونلحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم عبر عن التقلبات الإنسانية في الحياة، والتي تصيب الإنسان أيا كان، فكل إنسان تصيبه الثمانية، ولكن النتيجة تختلف من مسلم وغير مسلم، فالمؤمن يعتقد أن كل ما أصابه هو من قدر الله تعالى، وأنه راض به، لأنه من الله تعالى، فيكسب هذا في قلبه الطمأنينة والسكينة، فلا يجزع، وفي الحديث “عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له.”

فالحياة يا سيدي لا تستقيم على حال، ونحن في حاجة إلى معرفة سنن الله في الكون {وَتِلْكَ ٱلْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ ٱلنَّاسِ}، وكما يقال في المثل: “دوام الحال من المحال”، لكن يزيد عليه في الإسلام أن صبر الإسلام يثاب عليه، أما الكافر فلا يثاب على ذلك في الآخرة. 

فابتلاؤك جزء من حياتك، والذي لن يتغير، ولكن دع الله تعالى أن يرفعه عنك، أو يخففه عنك، وأن يلهمك الرضا بما قدر، وأن تنظر في حال غيرك، ستجد أنك أفضل بكثير ممن حولك، وانظر إلى ما وهبك الله تعالى من نعم بعين بصيرة، لا تنظر السواد وحده، فما السواد في حياتك إلا نقاط صغيرة، ففتش في نعم الله تعالى عليك في حياتك، ستجدها بحرا يكاد يغرقك، ولكن العين ترى ما تشاء، وتترك ما تشاء.
حفظك الله تعالى، وصبرك على بلائك، ورزقك الإيمان الصادق به سبحانه.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى