استشاراتالدعوة

فتور معلمي القرآن؛ البحث عن الأسباب

  • السؤال:
أولاً، أشكر لكم جهودكم المباركة، وأسأل الله سبحانه وتعالى ألا يحرمكم الأجر على ما تقدمونه في هذا الموقع المبارك.

ثانيًا، نلاحظ في الآونة الأخيرة أن الدعاة الذين لهم باع طويل في مجال تربية الشباب من خلال الحلقات القرآنية والمراكز الصيفية أنهم يعيشون حالة من الفتور ومن حب الدعة والكسل، مما جعل الكثير منهم يطلبون التخفيف من هذا العمل.

فما هي الأسباب؟ وما هو العلاج؟

ولكم مني جزيل الشكر، والله يحفظكم ويرعاكم

 

  • الجواب:

الأخ الكريم؛

أحمد الله تعالى إليك على اهتمامك بكتاب الله تعالى، واعلم أن هذا من الخير الذي وهبه الله تعالى لك، فاستمسك به، واعضض بالنواجذ عليه، فإنه طريق فلاحك في الدنيا وسعادتك في الآخرة إن شاء الله.

  • أما عن فتور الدعاة من أهل القرآن عن القرآن وتعليمه، فيمكن النظر إلى المشكلة على النحو التالي:

إن كل مشكلة في الدنيا لها أسباب، وعدم معرفة الأسباب يجعلنا كحاطب ليل، لا يدري أين المسير، ومعرفة الأسباب تساعدنا على تشخيص الظاهرة، ومن خلال ذلك يمكن لنا النظر في طرح مقترحات حلها، وما أطلبه منكم أخي الكريم:

  1.  أن تجلسوا مع هؤلاء الإخوة بشكل جماعي، وبشكل منفرد، لمعرفة تلك الأسباب، فالاهتمام بالمعلم هو أساس العملية التعليمة؛ لأن عليه المعوِّل الأساسي في إنجاح العملية التعليمية أيًّا كانت.

  2.  التفكير في طرق لتشجيع الإخوة المعلمين والمحفظين، وبث روح التنافس.

  3.  الخروج بحلقة القرآن عن شكلها التقليدي، والنظر في وسائل متنوعة، بشرط أن تبقى الطريقة القديمة، على أن تكون واحدة، يضم إليها وسائل أخرى، فهذا مما يدفع الملل.

  4.  تحديد الأهداف بشكل عملي ودقيق ومناسب للفترة الزمنية، فالأهداف يجب أن تتناسب مع الجهد المتاح والوقت المتاح أيضًا، حتى نصل إلى نتيجة، بدلاً من وضع برامج ضخمة لا يتحقق منها إلا النذر اليسير، أو يصل الأمر إلى حد الفشل.

  5.  الاطلاع على الخبرات المتنوعة في مكانكم وبلدكم والأقطار الأخرى، ولا بأس بالزيارات المتبادلة مع مؤسسات تقوم بالاهتمام بالقرآن الكريم، ويتم تبادل الرأي والمشورة، للاستفادة منهم.

  6.  الاهتمام بالقرآن في حياة المعلمين والمحفظين، والتركيز على الجانب الإيماني لهؤلاء الأفراد؛ لأن الفتور الإيماني والوقوع في المعاصي يحول بين أن يقوم المعلم بتحفيظ كتاب الله تعالى وهو يخالفه، ولا يعني هذا أنه يشترط فيمن يحفظ ألا يقع في معصية، فهذا ضرب من الخيال، ولكن يشترط أن تعرف عنه التوبة والعودة إلى الله دائمًا، وأن يكون الوقوع في المعصية دافعًا للعمل الصالح، لا لتركه.

  7.  الاهتمام بالإخلاص وكثرة الدعاء والإلحاح على الله تعالى أن يوفقنا إلى خدمة كتابه، فإن التوفيق بدءًا ونهاية من الله تعالى.

وأود أن أضيف هنا يا أخي إنه في ظل الحملة المسعورة على كتاب الله تعالى والتي نعيش أحداثها ونتابعها عبر القنوات الفضائية والمجلات والجرائد والإنترنت، يجب على الدعاة أن يعيدوا تفكيرهم في مكانة القرآن الكريم في الدعوة بشكل صحيح، فإهانة القرآن –التي سمعنا عنها مؤخرا في أكثر من مكان- ليست إلا نتيجة لتقصير حقيقي في مكانة القرآن في قلوبهم حسب فهمي للقضية، وهو أيضًا يمثل ملمحًا من ملامح هوان الأمة، ولو أن أحدًا أهان الإنجيل أو التوراة لقامت الدنيا وما قعدت؛ وذلك لأن للإنجيل -مع تحريفه- وللتوراة -مع تزييفها- من يدافع عنهما حق الدفاع.

ولست ممن يحبون أن يكون هناك صراخ بلا فائدة، والجهد الأكبر واجب على الدعاة، أن ينشطوا في إعادة مكانة القرآن الكريم في قلوب الناس، من خلال ما يلي:

  1.  تفعيل دور “الكتاتيب” التي حفظت للأمة هذا الكتاب.

  2.  الاهتمام بالقرآن الكريم من خلال الحلقات الإذاعية في البرامج التلفزيونية والفضائية.

  3.  تبني حملات عن القرآن عبر وسائل الإعلام الحديثة من الفضائيات والمواقع الإلكترونية.

  4.  توسيع دائرة وسائل الحفظ، فلا تقف عند الكتّاب، بل يمكن أن يتخصص معلمون للقرآن يذهبون للبيوت، وألا يبخل الآباء على أبنائهم أن يجيء له بمعلم للقرآن بأجر في بيته حتى يعلم ولده، كما يعلمه العلوم التجريبية واللغات.

  5.  أن تنشر حلقات مقارئ القرآن الكريم، وأن تكون هناك قوة شعبية لصدّ أي محاولة من الدولة لإيقافها، ومن الأولى أن تكون هذه المقارئ عبر القنوات الرسمية وغير الرسمية، حسب طبيعة كل بلد.

  6.  أن ترصد الجوائز لحفظ كتاب الله تعالى والاهتمام به بشكل أكثر فاعلية وانتشارًا مما هو عليه.

  7.  تفعيل القوالب الفنية في أهمية القرآن الكريم، من خلال “الفلاش” و”البوربوينت” والرسوم التعبيرية، وإقامة المعارض الفنية عن القرآن الكريم.

  8.  التفكير في إنتاج أفلام عن أعلام من الأمة كان للقرآن أثر في حياتهم، وإبراز ذلك بوضوح في كتابة “السيناريو”، وأن يختار من الممثلين أشخاص جديرون بالاحترام من قبل المشاهدين.

  9.  تبني حملات خطابية من قبل خطباء كل منطقة عن القرآن الكريم، والخروج بنقاط عملية يتم تنفيذها مع الجمهور.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا خدامًا لكتابه، وأن يجعلنا من أهله الذين هم أهل الله وخاصته.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى