- السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أريد أن أستشيركم في قضيتي هذه وأتمنى أن تنصحوني.. أنا فتاة أحببت شخصا لمدة ثلاث سنوات وعملت معه المنكر، واكتشفنا أننا غلطنا غلطة كبيرة وعصينا رب العالمين وخنت أهلي. ونحن نريد أن نصلح هذه الغلطة.. هو إنسان متزوج وعنده أولاد ويريد أن يتقدم ليس رسميا فأخبرت أمي عن كل شيء، لكنها رفضت ارتباطي بهذا الولد، يمكن من أجل شكله، والحين الولد يريد أن يخبر أبي بما فعلته وأنا أكيد سأخسر أبي وأمي وكل أهلي. لا أعرف ماذا أفعل، هل أمنع الولد من أن يخبر؟ أبي علم أنه يوجد شخص ثان متقدم لي ولا يعرف شيئا عني؟ أرجوكم ساعدوني ماذا أفعل حتى أرضي رب العالمين وأصلح غلطتي؟ وأرجو الرد سريعا. |
- الجواب:
الأخت السائلة:
ذكرتني بما يقال في عالم الفقه: إن الإنسان يوقع نفسه في المصائب، ثم يقول: أغثني يا مالك.
لقد اكتشفت أنك أخطأت بعد ثلاث سنوات، وقد فعلتم الخطأ الكبير كما تقولين، فهل كنت في سكر أو غيبوية حتى ندعي اكتشاف الغلط، أنت وهو كنتما تدركان الخطأ، وفعلتماه بمحض إرادتكما، وتعرفان كل صغيرة وكبيرة، ولكنه خداع النفس.
ثم يأتي الندم لعلاج بقايا الخير في النفس، ومحاولة إصلاح ما انكسر بعدما أخذت شهوتك أنت وهو، وقضيتما وطركما بالحرام، أقول هذا الكلام لتتعلمي في حياتك، فهذه تجربة مررت بها، وربما ستمرين بتجارب أخرى، لا أقصد أن تكون تجارب عاطفية وعلاقة بالجنس الآخر، ولكن تجارب عامة في الحياة، قد تتشابه السيناريوهات مع اختلاف طبيعة التجارب.
تعلمي يا أختي السائلة مما حدث لك، أريد أن يكون ما حدث يتسبب في انقلاب في حياتك، أنت لم تصلي إلى حد الإحساس المطلوب بالذنب، فكل ما ورد في السؤال شيء طبيعي بعد وقوع الخطأ نصلح والأهل لا يوافقون وما إلى ذلك، انظري إلى نفسك، ماذا عنك في الحياة؟ وما هي علاقتك بالله؟ وما عن سلوك الآن، هل تغير فيه شيء؟ هل انصلح حالك؟
ابحثي في الأسباب التي أدت إلى أن وقعت فيما وقعت فيه. ما الذي أنشأ تلك العلاقة حتى تصل إلى هذا الحد، باسم الحب المظلوم، أو الحب المزعوم، إن من أحب أحدا خاف عليه حتى من نفسه، وأعلاه من أن يكون دنسا يشان منه، إن ما كان بينكما ليس حبا، ولكنه شهوة حيوانية استمرأتما إياها معا حتى نزلت في الأوحال.
لقد أغضبتما الله تعالى، وكما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله تعالى يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم الله”.
لن أتحدث معك أولا عن الزواج والعلاقة مع هذا الرجل، ولكني أريد أن تتحدثي إلى نفسك أنت، لا تنظري إلى خطأ وقع، ولكن انظري إلى حال من وقع في الخطأ، أفيقي أختي واستيقظي قبل أن يأتي يوم تندمين فيه ولا ينفع الندم، أصلحي ما بينك وبين الله تعالى، توبي إلى الله صدقا وحقا، ابكي على خطيئتك، غيري حياتك من الوحل والطين إلى النظافة والنور، املئي قلبك بحب الله وخشيته والخوف منه، استمعي إلى القرآن الكريم لتجدي ما أعد الله تعالى لعباده الصالحين من النعيم المقيم، وما أعده للعصاة الفاسقين من العذاب والجحيم.
غيري من نفسك يا أختي أولا، ثم بعد ذلك فكري في الارتباط بهذا الشخص أو غيره، إن كان يصلح لك زوجا، ليس لمجرد أن الخطأ وقع تتزوجين رجلا قد يجعل حياتك جحيما، ولكن فكري في الأمر جيدا بعد توبتك إلى الله، وانظري الآخر هل سيصلح لك أم أن الذي عشت معه هو الذي سيكون لك زوجا، ولو كان متزوجا.
المهم أن تتوبي إلى الله أولا، وأن تصلحي ما بينك وبينه، ثم فكري في الزواج بأبعاده المختلفة: البعد الديني من كون الزوج إنسانا يخشى الله تعالى ويتقه، ويأخذ بيدك إليه، والبعد الاجتماعي والنفسي، من كونه إنسانا ستجدين راحتك معه، وسيكون نعم الزوج، وليكن ذلك الذي أخطأت معه إن كان يصلح، أو يكون غيره. والله تعالى أسأل أن يتوب علينا جميعا.
- د. مسعود صبري