- السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. جزاكم الله عنا كل خير، وجعل ما تقومون به من تنويرنا في أمور ديننا في ميزان حسناتكم إن شاء الله. سيدي هل ما حدث لي يمكن أن يكون عائقا للتوبة.. الآن وبعد مرور سنة على الطلاق أريد أن أتزوج لتحصين نفسي، وكلما فكرت في الزواج وقف لي هذا الإحساس بالذنب كالجبل فأصاب بإحباط وخيبة أمل. فسؤالي سيدي: أفتوني جزاكم الله خيرا |
- الجواب:
الأخ الفاضل؛
الحمد لله، قدر الله وما شاء فعل، واعلم أن كل ما قدر الرحمن محمود.
قد شرع الله تعالى الخطبة حتى يتم التعرف الجيد بين الخاطبين، فإن رأيا قبولا بينهما، أتما ذلك بالعقد فيتم التقارب أكثر، فإن تأكد عندهما إتمام مشروع الزواج، أتماه بالبناء.
وكثير من الشباب لا يهمه في فترة الخطوبة والعقد إلا أن يتقرب بنوع من كلمات الحب والعاطفة، دون التفكير في منظومة الأسرة في الإسلام كلها، وبالتالي ينتج عن هذا بعض الأخطاء.
وربما كان في خروجك من مكانك، وتغييرك الجو الذي تعيش كان يساعدك على اجتياز محنتك، ولكن ما حدث قدر الله تعالى.
واعلم أن الطلاق يا أخي لا يحول بينك وبين التوبة إلى الله تعالى، وأنت تستشعر أنك ظلمتها وهي لم تسئ إليك، فربما كان الطلاق حلا أفضل من البقاء في هذه العشرة التي لم يكتب لها السعادة، وعسى الله تعالى أن يرزقك خيرا منها، وأن يرزقها خيرا منك، فاحمد الله تعالى على كل حال، ولا تعذب نفسك.
ولكن إن أردت أن تتوب فعلا بمفهوم جديد للتوبة، فنرى أنه عليك ما يلي:
1- الدعاء الدائم لها أن يرزقها الله من يسعدها في حياتها، ويأخذ بيدها إلى الله تعالى.
2- أن تكون أعطيتها كل حقوقها المتعلقة بها، وياحبذا لو تهبها بعض الهبات والعطايا تطييبا لخاطرها، وتسكينا لنفسها.
3- أن تعرف كيف تتزوج بطريقة صحيحة، وأن تأهل نفسك لأن تسعد زوجتك في حياتك، فإن الجهل بكيفية الزواج قد يؤدي إلى أن نسيء لغيرها، حتى لو كان هناك حب يجمعنا، وفي ذلك يجب الجمع بين هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في الزواج، وأن يعرف الإنسان ما يطلبه وما يريده ممن تكون شريكة حياته، ولا بأس في هذا بأن يقرأ في كتب الاجتماع بشكل موسع، بحيث يعرف حاجاته، ويدرك مطالبه، وأن ينظر ابنة الحلال التي يرى فيها النموذج الذي يتمناه.
4- ألا تتسرع في اتخاذ قرار الطلاق، فأنت اتخذت قرار الطلاق مع أول موقف لك في حياتك، فلم تفكر في علاجه، ولا الذهاب للطبيب النفسي، بل عشت في دوامة، وأعشت فيها زوجتك وظلمتها بذلك، فليس كل القرارات تؤخذ سراعا في هذه الحياة، ولابد للتفريق بين الأمور، فليست كل الأمور كبعضها.
5- أن تراعي حاجات التي ستتزوجها، فالزواج قسمة بين الرجل والمرأة، وليس سلعة يشتريها الإنسان في حياته، وليست هي من جانب واحد.
6- أن تسأل الله تعالى دائما أن يرزقك الزوجة الصالحة التي تعينك على طاعة الله، وتسعدك في دنياك، وهناك أدعية كثيرة في القرآن، منها “ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما”.
ونحسب بهذا أنك تكون قد تبت إلى الله تعالى، فقد يتوب الإنسان من فعل واحد، لكن الأساس الذي أخطأ منه مازال موجودا في حياته، فعليه أن يصحح الأساس، وهذا هو أساس التوبة إلى الله في مثل هذه الحالة كما نظن.
والله نسأل أن يسعدك ويسعد من كانت زوجتك، إنه على كل شيء قدير.
- د. مسعود صبري