- السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم أريد أن أسال سؤالا مهمًا جدًا بالنسبة لي، وأريد الإجابة سريعا.. أنا كنت مخطوبة، وحصل بعض الأشياء منها أن خطيبي كان يمسك يدي أحيانا، وشاهد شعري مرات عديدة، وأريد أن يتوب الله عن أفعالي هذه لأني لا أكاد أنام من هذه الأفعال، مع العلم أني في قلبي لا أكون راضية عن هذه الأفعال. أجيبوني وساعدوني على توبتي.. ماذا أفعل؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
- الجواب:
الأخت الفاضلة؛
لقد ذكرت أنك كنت مخطوبة، وهذا يعني إما أنك قد تزوجت، وأن هذا ما حدث قبل الخطبة، أو أن الخطبة لم تتم.
وعلى كل، فمثل الأخطاء التي تقع بين الخاطبين أساسها إما الجهل بالدين.. فكثيرا من الشباب يظن أنه يجوز له الخروج مع مخطوبته، وأن يفعل معها بعض الأشياء؛ وإما غلبة الشهوة.. فقد يعلم الخاطبان أن ما يفعلانه حرام، لكن لا يصبرا أمام شهوتهما، فيمسك يديها، وتظهر هي له شعرها وما إلى ذلك.
والتوبة وقت الخطوبة تكون بمنع هذه الأشياء، وعدم الخلوة بين الخاطبين، وأن يلتزم الخاطبان حدود الله تعالى، أما والأمر قد انتهى، فليس أمامك إلا الاستغفار الحقيقي من هذا الذنب، واستشعار الخوف من الله تعالى أن يعاقبنا على ما ارتكبنا، وهذا يظهر من كلامك، وأن يبدل الإنسان سيئاته حسنات، ففي معركة الشيطان مع الإنسان يجب على المسلم إذا ارتكب ذنبا أن يتبعه بعمل صالح، ولذا جاء حديث النبي صلى الله عليه وسلم: “اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن.”
ومن رحمة الله تعالى أن جعل السيئة بواحدة، والحسنة بعشر أمثالها.. {مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰٓ إِلَّا مِثْلَهَا}، فالله تعالى أعلم بضعف النفس البشرية، فجعل العمل السيئ واحدا، والعمل الصالح عشرا، وكأن كل عمل سيئ يقابله عمل صالح يكون الإنسان فائزا فيه تسع حسنات، وفي هذا إشارة مهمة إلى عظيم فائدة التوبة إلى الله تعالى، فتجعل الشيطان يندم، فهو إن أوقع الإنسان في السيئة الواحدة، فيتبع المسلم ذلك عملا صالحا من باب التوبة إلى الله، فيفوز بتسع حسنات، فيقطع المسلم على ذلك باب الشيطان من الوسوسة والتزيين.
فالمطلوب منك أن تندمي على فعلك، وأحسب أن هذا ظاهر عندك، وأن تكثري الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى، وأن تكثري من الأعمال الصالحة {إِنَّ ٱلْحَسَنَـٰتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّيِّـَٔاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّٰكِرِينَ}، وقد ورد في سبب نزول هذه الآية أن رجلا أصاب من امرأة قبلة، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يطلب منه كيفية التوبة، فأعرض عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى أُذِّن للصلاة، وصلّوا، ثم أنزل الله تعالى عليه هذه الآية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “أين السائل” فجاء، فتلا عليه قوله تعالى: “إن الحسنات يذهبن السيئات”، فقام رجل وقال: يا رسول الله، أله خاصة أم للناس عامة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “بل للناس عامة”.
فمادمت قد انقطعت عن هذا العمل، أو انتهى أجله، فالمطلوب منك الإكثار من الأعمال الصالحة، لأن الإنسان يجيء يوم القيامة فينظر في كتابه فإن زادت كفة حسناته على كفة سيئاته فهو من الفائزين، كما قال تعالى: {فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَٰزِينُهُۥ* فَهُوَ فِى عِيشَةٍۢ رَّاضِيَةٍۢ * وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَٰزِينُهُۥ * فَأُمُّهُۥ هَاوِيَةٌۭ * وَمَآ أَدْرَىٰكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌۢ}، فليجتهد المسلم أن يكثر من العمل الصالح الذي ينفعه في قبره، وينفعه يوم الحشر الأكبر حين يقال له: {ٱقْرَأْ كِتَـٰبَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ ٱلْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًۭا}، ويسعى أن يكون ممن قال الله فيهم:
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُۥ بِيَمِينِهِۦ فَيَقُولُ هَآؤُمُ ٱقْرَءُوا۟ كِتَـٰبِيَهْ * إِنِّى ظَنَنتُ أَنِّى مُلَـٰقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِى عِيشَةٍۢ رَّاضِيَةٍۢ * فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍۢ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌۭ* كُلُوا۟ وَٱشْرَبُوا۟ هَنِيٓـًٔۢا بِمَآ أَسْلَفْتُمْ فِى ٱلْأَيَّامِ ٱلْخَالِيَةِ}،
وألا يكون ممن قال الله فيهم: {وَأَمَّا مَنْ أُوتِىَ كِتَـٰبَهُۥ بِشِمَالِهِۦ فَيَقُولُ يَـٰلَيْتَنِى لَمْ أُوتَ كِتَـٰبِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَـٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ * مَآ أَغْنَىٰ عَنِّى مَالِيَهْ ۜ * هَلَكَ عَنِّى سُلْطَـٰنِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ ٱلْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِى سِلْسِلَةٍۢ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًۭا فَٱسْلُكُوهُ}.
فنسأل الله تعالى أن يتوب علينا جميعا، ولعل ما حدث قد يكون درسا لك في مستقبل حياتك، وما قد تعلمينه بناتك وأولادك فيما بعد إن شاء الله.
- د. مسعود صبري