استشاراتالشبهات

هل أموت يوم 25/9؟

  • السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. الأستاذة الأفاضل..

أنا فتاة أبلغ من العمر 23 سنة، والحمد لله محجبة وأصوم وأصلي الفروض في أوقاتها. بفضل الله لم أرتكب معاصي تغضب الله تعالى منى وأدعي دائما أن أكون جديرة برضا الله تعالى علي وعلى أفعالي..

سؤالي لكم هو أني منذ فترة تقريبا أسبوع كنت نائمة أو بالأصح نصف نائمة، وكنت أفكر بأمور كثيرة خاصة بي. فجأة أتت إلي مثل التنبيه أو لا أدري تماما ما كان الذي حدث لي، ولكن ما أتذكره أنه ارتسم في خيالي (رقم 25/9) أي يوم 25 من الشهر الحالي وبالتحديد كان مع الرقم كلمة يوم السبت وأنا والله لم أكن أعرف أن يوم 25 سيوافق يوم السبت وتضامن مع الرقم هذا كان شخص يتحدث إلي وينبهني أنني سأموت في يوم 25 وهرعت إلى التقويم ووجدت فعلا أن يوم 25 يوافق السبت ومن يومها وأنا خائفة جدا ومرعوبة أن يكون هذا صحيح هل تكون رؤيا؟ أم أتوهم؟ لا أدري الرجاء من حضرتكم أن أجد لديكم إجابة أو تفسير حتى ولو كان ما رأيته صحيحا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الفاضلة..

ما يراه المسلم في نومه هو واحد من ثلاثة:
1- إما أن يكون رؤيا من الله تعالى، يبشره بخير، أو يحذره من شر.
2- وإما أن يكون حلما من الشيطان، يريد أن ينغص على الإنسان حياته.
3- أو يكون حديث نفس، كأن يسمع الإنسان سيرة الموت، أو أحدا مات، أو غيرها من الموضوعات الحياتية التي تشغل الناس عموما، فيفرغ ما في نفسه فيما يراه في منامه.

فلا يمكن أن نقطع أن هذه رؤيا من الله تعالى؛ لأن الله تعالى جعل الموت على عباده بغتة، والموت من الأمور الغيبية التي احتفظ الله تعالى بها لنفسه، قال تعالى: {وَمَا تَدْرِى نَفْسٌۭ مَّاذَا  تَكْسِبُ غَدًۭا ۖ وَمَا تَدْرِى نَفْسٌۢ بِأَىِّ أَرْضٍۢ تَمُوتُ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌۢ}.

وفلسفة الحياة قائمة على الابتلاء دون معرفة انتهاء حياة الإنسان، قال تعالى: {تَبَـٰرَكَ ٱلَّذِى بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ  شَىْءٍۢ قَدِيرٌ * ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَوٰةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًۭا ۚ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ}، فالإنسان لا يدري متى سيموت، ولا أين سيموت، وإنما هذه الأمور مردها إلى الله تعالى.

ولو كان الإنسان يدرك ميعاد موته، لكان له أن يفعل المعاصي ويجاهر بما يشاء من المخالفات، ثم قبلها يتوب إلى الله تعالى، واليقين بميعاد الموت يلغي فكرة الاختبار.

ثم إن المسلم لا يخاف من الموت ما دام يؤدي ما افترضه الله تعالى عليه، وهو يحب لقاء ربه سبحانه وتعالى؛ لأنه أدى ما عليه، وهو في انتظار الأجر والثواب عند الله، قال صلى الله عليه وسلم: “من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه”. فيجب أن نرد ميعاد الموت على وجه اليقين لصاحبه، وهو سبحانه وتعالى.

أما أن تحلمي بأنك ستموتين يوم الخامس والعشرين، وهو يوم السبت، وأنك رأيت هذا في “نتيجة التقويم”، فلا يجب أن يكون له أثر في حياتك، ولا تعيشي في وهم بعيد عن العقيدة الصحيحة، فسيمر يوم الخامس والعشرين، ولن يحدث شيء، ولكن لا تعيشي في الوهم ولا تجعليه يسيطر على حياتك، بل استمري في طاعة الله تعالى كما أنت، وعيشي حياتك، فإن نفس لن تموت حتى تستوفي رزقها وأجلها، ودعي الأمر لصاحب الأمر، ولنشغل أنفسنا بما يجب علينا، ولا نكلف أنفسنا ما لا نطيق، وقد رفع الله تعالى ذلك عنا: {لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا  وُسْعَهَا}.
وأعلم أنه مع صغر سنك تخافين الموت، وأنت لم تأخذي حظك من الحياة، ولكن أقول لك: هذا الأمر ليس إليك أختي، وإنما هو لله، ويجب أن يوقن المسلم أنه صنعة الله تعالى، ولله تعالى أن يفعل بصنعته ما يشاء، إننا لا نملك لأنفسنا شيئا، وإنما الأمر كله لله، فربما يأتيك الموت قبل هذا الموعد، وربما بعده بشهر أو سنة أو عشر أو عشرات، الله أعلم بهذا.

فخففي عن نفسك، ولا تعيشي في هذه الحالة التي تكاد تفتك بنفسك، ولا تجعلي للشيطان عليك سبيلا، وكما ذكرت في رسالتك أنت دائما تتوجهين لله بالدعاء أن يرزقك الرضا، فأسأله أن يرزقك الرضا في كل شيء، وأنصحك بهذا الدعاء الجميل “اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي”.
وربما كان من الخير للإنسان أن يموت الآن، أو في الغد، أو أي وقت آخر، حسب علم الله تعالى، الذي يحب الخير لعباده.

وأذكرك أن الدنيا إنما هي دار ابتلاء واختبار، وليست دار راحة وقرار، وإنما الراحة في جنة الله تعالى، حيث ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، فالمرء في الدنيا يعيش دائما في كد وتعب، فليكن في سبيل الله، وليترك أمر الموت لله، يقضي فيه ما يشاء دون تحديد من أحد؛ لأن هذا افتئات على حق الله، وافتراء على شيء من علم الله.

نسأل الله تعالى أن يحيينا ما كانت الحياة خيرا لنا، وأن يتوفنا ما كانت الوفاة خيرا لنا، وأن يرزقنا دائما العمل الصالح الذي يرضى به عنا.
اللهم آمين.
وتابعينا أختنا بأخبارك.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى