استشاراتالشبهات

نشر الدين بالإكراه

  • السؤال:
أنا بواجه مشكلة أني بعيد عن الدين وعلشان أكون أكثر وضوحا مش عارف أنهي دين بالضبط أنا مسلم طبعا ومؤمن بالأديان كلها والرسل بس المشكلة اللي أنا بشوفها معتقدات وتفسيرات لبعض الشيوخ لا يتناسب مع أخلاق الإنسان وقصدي بهنا الإنسان وليس مسلم أو مسيحي.

فالمعروف خالق الشيء يكون دايما اكثر إبداعا وتفكيرنا من المخلوق.. اشحال الله سبحانه وتعالي خالق الإنسان.. وطبيعة الإنسان تميل للخير.. أشاهد بعض المسلمين يستحلوا دم الأديان الأخرى المدنين ويقولوا إنهم كفره ويجب أن يقتلوا.. في انهي شرع أو دين إنسان يقتل إنسان.. أو إزواي أرافق أو اتخذ شخص أنه خليل لي علشان هو مسلم فقط.. وإذا كان مسيحي لا يجوز.. لماذا؟ ولماذا المسلمين دايمًًا بفكرو بالدين ليه مش المفروض نقول إنا بكلم فلان لأنه كويس سواء مسلم أو مسيحي أو حتى يهودي.. الله سبحانه وتعالى هو الخالق وهو اللي بيحاسب مش إنسان يحاسب إنسان آخر إذا لم برتكب جريمة في حق إنسان آخر.

أنا متفق أن لو حصل اعتداء علي المسلمين يجب أن ندافع بس ندافع ونقتل المعتد وليس الأبرياء.. ومع الأسف أني لاقيت أشخاصا مسلمين وشيوخ يعتقدون أني مخطئ أو أعتقد في مبادئ خاطئة؛ ولذلك في بعض الأحيان أتساءل لماذا يجب أن ينشر الدين بالإكراه أو أن أي شخص غير مسلم يجب أن ينضم إلينا أو يقتل أو يدفع جزية..

هل هذا حكم إنسان على إنسان آخر لماذا لا نتعامل بأخلاق محبة في الإنسان الآخر؛ وبذلك نكون يوجد محبة وتالف ليس من المعقول إننا نحاسب بعضنا ولذلك أنا مستاء لما أشاهده من معتقدات وقيم في الدين الإسلامي ولذلك كل ما أحاول التقرب للدين وأناقش بعض الإخوة الأكثر إدراكا أشاهد عقول تتكلم من منطلق العرف وليس العقل والأخلاق وما زال يوجد أيضا الكثير من التساؤلات في ذهني ولكني أكتفي بهذا لحين الرد وآسف إذا كان رسالتي طويلة وشكرا جزيلا. سلام عليكم.. 

 

  • الجواب:

أخي، أحب أن أقولك لك أولا: إني أحبك في الله..
وأكبر فيك فهمك الجيد للإسلام، والذي ابتعد عنه كثير من الناس..
واعلم أن الحق يعرف بذاته ولا يعرف بالرجال، ولكني أتعجب من نقلك عن شيوخ مثل هذا الكلام، وكأنك لا تسمع إلا لهم، ولا أدري: ألا تشاهد الفضائيات وتستمع إلى وجهات نظر أخرى، كتلك التي تؤمن بها؟

وعلى كل، فإني أحب أن أقول لك بعض المقررات حتى يطمئن قلبك:

 

  • 1- الإسلام لا يكره أحدًا على الدخول فيه،

والآيات ناطقة بهذا، مثل قوله تعالى: {لَآ إِكْرَاهَ فِى ٱلدِّينِ}، وقوله: {فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ}، وأن جهاد المسلمين غالبه جهاد دفع، كما توافق عليه أنت، وأن جهاد الطلب كان لظروف موجودة في العصور السابقة؛ لأن الناس كانوا يمنعون المسلمين من عرض الدين، وليس الإكراه، ولكن لسنا بحاجة الآن إلى جهاد الطلب، وأن الجهاد ليس قتالا فحسب، فهناك الجهاد الثقافي والفكري، والجهاد الاقتصادي، والجهاد السياسي والدبلوماسي، والجهاد الإعلامي وغير ذلك من أنواع الجهاد.

 

  • 2- أن القرآن الكريم أوضح علاقة المسلم بغيره،

كما قال تعالى: {لَّا يَنْهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمْ يُقَـٰتِلُوكُمْ فِى ٱلدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَـٰرِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوٓا۟ إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُقْسِطِينَ}. وأن الرسول والمسلمين كانوا يتعاملون مع غير المسلمين بيعا وشراء، ويتجاورون في المسكن، بل أباح الإسلام الزواج من أهل الكتاب، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يزور أهل الكتاب ويتعامل معهم، بل كلما دعاه أحد إلى بيته، ذهب إليه، حتى دعته المرأة اليهودية، ووضعت له السم في الطعام. وأن بعض الصحابة تزوجوا من الروم وصاهروهم دون نكير من أحد.

 

  • 3- أن القول بأن العلاقة بيننا وبين غيرها هي إما الإسلام وإما القتل،

فكلام غير صحيح، والحديث الذي يستندون إليه من قول النبي صلى الله عليه وسلم “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم”، فإن العلماء يقولون: يجب النظر في سبب ورود الحديث، والحديث خاص بمشركي مكة، أولئك الذين لم يؤمنوا بالله ورسوله، ولم يكتفوا بهذا، بل ظلوا يحاربون الرسول ويطاردونه أعواما عديدة، حتى بعد أن ترك لهم الديار كلها، ولم يقل الرسول هذا في اليهود ولا النصارى آنذاك.

 

  • 4- أن رسالة الإسلام هي رسالة الرحمة للناس جميعا،

كما قال تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَـٰكَ إِلَّا رَحْمَةًۭ لِّلْعَـٰلَمِينَ}، والعالمين يقصد بها الإنس والجن، كل الناس جميعا، مؤمنهم وكافرهم.

 

  • 5- أن الله تعالى وهو الذي خلق الناس ما أجبرهم على الإيمان به،

بل قال: {هُوَ ٱلَّذِى خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌۭ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌۭ}. {لَّوْ يَشَآءُ ٱللَّهُ لَهَدَى ٱلنَّاسَ جَمِيعًۭا} فالدنيا يجب أن يكون فيها إيمان وكفر، ولكن على كل إنسان أن يختار لنفسه دون إجبار، إما الإيمان وإما الكفر، والله تعالى هو الذي يحاسب العباد.

 

  • 6- أن الجزية كانت جزءا من علاقة غير المسلمين بالدولة الإسلامية لارتباطها بظرف سياسي دولي آنذاك،

فلم يكن أهل الكتاب يشاركون في الدفاع عن البلد الذي يعيشون فيه، وهذا يعني أنه واجب على المسلمين حمايتهم، ولهذا، فكانوا يدفعون بدلا عن هذه الحماية، لا لأنهم غير مسلمين، بل لأنهم غير مسلمين وغير مشتركين في الدفاع عن الوطن، ولما شعر أحد خلفاء المسلمين بعدم قدرته على حماية أهل الكتاب أعاد لهم الجزية مرة أخرى، بل أسقطها عمر عن كبار السن الذين لا يستطيعون الكسب، وجعل لهم راتبا من مال المسلمين.

 

  • 7- أن الإسلام بعقيدته هو الدين الأوحد

الذي يقبل جميع طوائف الناس فيه، يعيشون تحت ظله كمواطنين، أما الدين، فأمر يعود للحرية الشخصية، ولا يجوز الإجبار عليه.

الأخ الفاضل:
أحسب أنه يجب عليك أن تطمئن لفهمك، فما تفهمه أنت صحيح، وقد رأيت في كلامك ميزانا معقولا، من أننا لا نقاتل مخالفينا في العقيدة، ولكننا ندافع عن أرضنا إن اعتدي علينا، لا من باب العقيدة، ولكن من باب دفع الظلم، ولو كان من مسلمين..
حفظك الله ووفقك، وثبتك على الحق. آمين

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى