استشاراتالدعوة

كيف أبدأ الدعوة، وأطلب العلم؟

  • السؤال:
كيف أبدأ طريق الدعوة إلى الله؟ أو كيف أكون طالب علم؟ بم أبدأ وكيف أسير في هذا الطريق؟ وماذا أقرأ في البداية؟ وممن آخذ العلم؟
أرجو الإجابة بالتفصيل، وجزاكم الله خيرا.

 

 

  • الجواب:

الأخ الفاضل؛
لا تعلم كم وجدت من السرور في قلبي حين وجدتك تريد طريق الدعوة، واستبشرت خيرا بما ورد في الأثر أن “الخير باق في هذه الأمة إلى يوم القيامة”، وأن هناك من شبابنا من يريد أن يضحي بوقته في سبيل دينه، في الوقت الذي يجنح كثير من الشباب إلى حياة اللهو والعبث.

ربما كان سؤالك فيه شيء من العمومية، ولكنه فيه شيء من الصدق، ولو كان غير سؤالك لقلت لك كن محددا بشكل أكبر، لكنك تريد أن تقبل على الدعوة، فاسمح لي ببعض النصائح والكلمات التي أرجو أن يفتح الله تعالى بها علي حين الحديث معك، وأقول لك:

إن كل إنسان يجب أن يحدد هدفه جيدا، وأن يعرف طاقته وقدرته بشكل واضح، وأن يعرف السبيل الذي يسلكه حتى يحقق هدفه، وأنت تريد شيئين غير متناقضين، الدعوة وطلب العلم، وأحسب أنه من الخير حين تطلب العلم أن تطلب العلم الذي يساعدك على الدعوة إلى الله؛ لأن الاستغراق في طلب العلم ذاته لن يبقي وقتا للدعوة إن أخذ العلم كل الوقت، وهذا يعني أن تطلب ما تحتاجه من العلوم الخادمة للدعوة إلى الله تعالى..

أما عن كيفية بدء الدعوة إلى الله، فهناك نوعان من الدعوة:
– الدعوة بالقدوة.
– والدعوة بالنصح والإرشاد.

ولا تعارض بين الاثنين، بل من الواجب الجمع بينهما، فأن تكون أنت إنسانا صالحا في وسطك الاجتماعي، فتكون قدوة لغيرك، وأن تلتزم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحسنى والموعظة الحسنة، وميدان الدعوة هو الحياة عامة.. في البيت، وفي المدرسة أو الجامعة، وفي النادي، ومكان العمل، وفي الشارع، وفي المسجد.. فمكان الدعوة كل أرض يسير عليها الإنسان، وكل تجمع بشري يتواجد فيه جمع من الناس.

وفي ظني أن أهم ما يجب أن ندعو الناس إليه حسن الصلة بالله تعالى، وأن نعمق هذا في نفوس من نراه بعيدا عن الله تعالى فكرة أن كل إنسان يمتلك أدوات قليلة يمكن أن يكون داعية في أمر من الأمور، وأن لفت انتباه الناس إلى الله تعالى هو أصل الدعوة وأساسها، وذلك ما يمكن أن يدعو إليه أيُّ أحد، وكل أحد.

ولو جعلت لنفسك تخصصا في الدعوة في هذا الشأن لكان جيدا، وأن تبدأ بتعلم العقيدة الصحيحة، والإيمان الصادق، وأركانه وكيفية تطبيقه في حياة الناس، وأن تأخذ من القرآن والسنة ومن سيرة العلماء الصالحين، ومن معاش الناس وحياتهم التجارب الإيمانية التي تعضد أقوالك لكان من الطرق المؤدية إلى الدعوة الصحيحة إن شاء الله.

عش مع الله تعالى، وحاول أن تطبق ذلك على نفسك أولا، ثم ادع الناس إليه، وتفنن في إيجاد الطرق التي توصل الناس إلى الله، وتعرف على أسمائه وصفاته، وتعرف على الطرق التي تقرب العبد منه، واجعل هذا مشروع حياتك.

ولا بأس أن تستعين في هذا بإخوة لك في الله تعالى، وببعض الكتب التي تسهم في هذا، ولا تنس وأنت تدعو الناس إلى الله ألا تشغل نفسك بمباحث علم العقيدة والكلام، واجعل دعوتك عملية، حتى تجد صدى في نفوس الناس، وأن يكون الإيمان حقيقة واقعة، لا علما نظريا يختلف حوله الناس دون أن يعملوا بما فيه.

نصيحتي لك أخي: أن تنزل ميدان الدعوة، ومن خلال الاحتكاك العملي والتجارب ستجد نفسك تتعلم.. ربما تخطئ، ولكن ستتعلم من الخطأ، وأخلص النية لله، فإن صدقت وفقك الله تعالى لأشياء قد لا يوفق لها غيرك، ويمكن لك أن تختار في البداية ميدانا واحدا، كأن يكون في محيط العائلة، أو محيط الأصدقاء.

ولا تخجل من أن تدعو الناس للخير، ولو رأيتهم كلهم على شر، فلا يكون أهل الباطل في علانية، ويكون أهل الحق في خفاء.. جاهر بدعوتك، مع الأدب الجمّ للناس، وأحب من تدعوهم في الله حتى يحبوك، ولا تقطع حبال الوصال مع أي أحد مهما خالفك، فإن تعسرت في شيء، فارجع دائما إلى من تعمل عنده، وناده سبحانه أن ييسر لك أمر طاعتك ودعوتك.

وحين تنزل الميدان نرجو منك أن تتواصل معنا، عسى أن تجد عندنا شيئا نافعا لك، فساعتها يكون الكلام عمليا، فاستعن بالله وابدأ دعوتك.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى