- السؤال:
أنا أفكر في توصيل الدعوة الإسلامية إلى اليابان فما هي الطرق والتكلفة المادية لهذه الرغبة؟ |
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
أخي..
أشكرك على حسن نيتك أن تفكر وأنت في سلطنة عمان أن تبلغ دعوة الله إلى اليابان، إذ تذكرني بخلفاء المسلمين حين كان من أكبر همومهم تبليغ دعوة الله تعالى إلى الناس، وأركز أن دورنا في ذلك هو التبليغ، وهذه طبيعة الرسالة، أما القبول أو عدمه، فإنه كما قال الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَآءُ}.
غير أنه كما يقول علماء الإدارة: إن الهدف الكبير، يجب أن يجزأ حتى يمكن للقائمين عليه أن يدخلوه حيز التفكير، وأن ننظر طاقاتنا الممكنة، أو أن نعد للأمر الكبير عدته، فالنية الصادقة جميلة، وأجمل منها ألا تكون مجرد أمنية، بل تترجم إلى برامج تنفيذية يمكن تطبيقها في أمر الواقع، وعلى الله النتائج.
ولا أخفيك سرًّا، فلست بصاحب هذه الإجابة التي يمكن أن تحيط بسؤالك الكبير، فهو مع وجازة عبارته، إلا أنه ضخم كبير، بعيدة سواحله، ولكني سأسعى أن أغوص فيه قدر طاقتي المحدودة، مستعينا بالله أن يقذف في قلبي ما يمكن أن يساعدك على نيتك الطيبة، وعملك العظيم، الذي قال الله تعالى فيه {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًۭا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحًۭا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ}.
واجعل إجابتي لك دردشة أولية، يمكن أن تضيء لك بقعة من الطريق..
وحين نفكر في إيصال الدعوة إلى اليابان، فهناك بعض المعطيات التي يجب أن تكون حاضرة معنا غير غائبة، وأهمها:
1- الاطلاع على طبيعة الإسلام في اليابان، وتاريخ دخوله ورقعته في البلد.
2- المعرفة الجيدة للجالية المسلمة المقيمة هناك، لأنها أولى الناس بهذا، وأعرف الخلق بقضية الدعوة.
3- أن تكون ممن تجيد اللغة اليابانية، فمعرفة لسان القوم وسيلة أولوية وأساسية لا يمكن الاستغناء عنها، كما قال تعالى: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِۦ لِيُبَيِّنَ لَهُم}.
4- معرفة المجتمع الياباني وأعرافه وتقاليده، بل العيش فيه والتعايش عن قرب، إذ لابد للسالك أن يعرف المسالك.
5- تحديد أنماط الدعوة التي يمكن القيام بها، واختيار الأنسب الذي يمكن أن تقوم به، فربما كان في تعلمك لليابانية، وسفرك هناك، والعمل في مركز إسلامي هو ما يمكن أن تجيده، أو تقوم بترجمة بعض الكتب التي تتحدث عن إسلام بصورة صافية أولى، أو أن تنشئ موقعا على الإنترنت، بالتعاون مع مجموعة ممن يجيدون اليابانية مع الإلمام بالثقافة الإسلامية، أو عمل اسطوانات يترجم فيها بعض دروس العلماء، أو غير ذلك من الوسائل، فتحديد الوسيلة هام للغاية، وفيما يخص الأولى أن تنظر الوسيلة التي تجيدها، أو تجيد إدارتها، ولا تلتفت لوسيلة يعلق قلبك لها ولا تحسنها، فمن الفطنة أن نختار ما نجيد على ما نحب، فإن جمع الأمران، فذلك غاية النصح والبيان.
6- التعاون مع الغير ممن يهتمون بتلك الشئون، فالأعمال الفردية لا تجدي نفعا، ولا تؤتي أكلا، فالعمل الجماعي بركة وخير، وقد قال تعالى:” وتعاونوا على البر والتقوى “، فجعل الله تعالى التعاون فرضا واجبا.
7- أو يمكن لك الاتصال بالمراكز الإسلامية في اليابان، وأن تتصل بالدعاة هناك، ثم تعرض لهم نفسك ورغبتك في الدعوة إلى الله تعالى في هذا البلد، ثم انظر ما يوجهونك إليه.
8- استعن بالله، وهدد لك هدفا أصغر يمكن تحقيقه، واجعل العزم شعارك، والإخلاص رداءك، والإتقان ملمحك، ورضا الله مقصدك، وتوكل على الله، فإن الله ما يضيع أجر من أحسن عملا في أمور الدنيا، فكيف بمن يرجو تبليغ دعوة الله.
أرجو أن تجد في هذه السطور القليلة كلمات نافعة، تنير لك شيئا، ولو قليلا في طريقك.
وفقك الله لما يحب ويرضى.
د. مسعود صبري