استشاراتالدعوة

دعاة فلسطين بعد الانسحاب من غزة

  • السؤال:
السلام عليكم..

أتوقع أنه بعد الانسحاب الإسرائيلي من غزة سوف تفتر عزيمة الناس الإيمانية بعدما يتخلصوا من خوف الموت من رصاصات الاحتلال، وهذا ما حدث بعد اتفاقية أوسلو.

الآن بماذا تنصحني كداعية في المرحلة القادمة وكيف أستطيع أن أتصدى لما هو متوقع من فلتان وفتور من الناس؟ بارك الله فيكم..

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
أخي الحبيب..

ما أحسن تلك اللحظات التي يستشعر فيها الداعية أنه والد الدعاة، ولو كان أصغر منهم سنا، وأن تظهر فيه الشفقة الأبوية، والخوف على المدعوين، فيفكر في مستقبلهم الإيماني، وحسن صلتهم بالله تعالى مع تقلب الأحوال، وتغير الأزمان، فاجعل ما أنت فيه ديدنك، فإنه خير سيق إليك من الله، فاحفظ نعمة الله فيك.

حين يخاف الناس من الرصاصات والدبابات، فيتجهون إلى الله تعالى خوفا من ذلك، وأن يستغل الدعاة هذا الأمر، فهذا يعني أن هناك خللا، وأن الدعوة كانت تسير في منحنى يؤتي ثماره، لكنه لم يغذ الغذاء الصحيح، نعم قد نعطي الناس تذكرة بأن الإنسان قد يموت بسبب الأوضاع الموجودة، غير أن المحرك له للإيمان ليس هذا، بل يحركه أنه عبد لله تعالى، وأن نربط الناس بالله، وليس بما يخافون، فإنهم إن ربطوا بما يخافون، فحين يزول تكون الشكوى مما تخاف منه، ولست هنا بمن يلوم الدعاة، ولكنها تذكرة لتصحيح المسار، ومراجعة الأفكار، والانتباه للأخطار، حتى ننتقل من الخطأ إلى الصواب، ومن الحسن إلى الأحسن، وتلك شيمة الدعاة المخلصين.

وأظن أنه حين يدرك الدعاة أنهم في حاجة إلى تذكير الناس بلب الدعوة وحسن التوجه إلى الله، فسيكون هذا من أهم الأهداف الدعوية التي يريدون توصيلها للناس، وبذلك يتغير خطابهم، وتتنوع وسائلهم.

كما أنني لا أريد أن تنظروا واقعكم وحده، فكم من الدول العربية والإسلامية ليست محتلة احتلالا عسكريا، فما كان هذا مانعا لهم من الدعوة إلى الله.

وهذا يتطلب منكم جهدًا في دراسة الدول التي يستقر فيها الأمن، ولا تتعرض للاحتلال، وأن تنظروا وسائل الدعوة المستخدمة، وكيف يجذبون الناس إلى دعوة الله تعالى، وأن تتخيروا من هذه الوسائل الأنفع لكم، ثم تنظروا وسائل أخرى أجدى وأنفع، وأقرب لواقعكم، وأصدق لأعرافكم وعاداتكم.

وما وجدت لهجة أصدق من ربط الناس بالله تعالى، وألا يمل الدعاة من ذلك أبدا، بل يربطون الناس بالله تعالى في كل درس يلقونه، وعمل يعملونه، فهذا هو الضمان الأوحد الذي يجعل الناس دائما في تجدد لإيمانهم، فإن فتروا، فسرعان ما يعودون، وإن ضعفوا فسرعان ما يقوون،لأنهم ارتبطوا بالله، والله لا يغيب عنهم، فيستحيون إذ يعصون، ويرجعون حين يتيهون، لأنهم آمنوا به، وأخلصوا له، وجعلوا حياتهم وفقا لمرضاته، ومن كان هذا حاله، فنحسب أنه لن يضل أبدا، وإن أخطأ الطريق أحيانا، لأنه مع الله، ولأنه يدرك أن الله معه، وأنه مطلع عليه.

فاشغلوا أنفسكم بحياة القلوب وصلتها بالله، مع إدراك مفهوم الإيمان الكامل، من العقيدة الصحيحة.
والعبادة الصادقة.
والأخلاق الفاضلة.
والسلوكيات الحسنة.

فتلك أربعة يجب أن تمثل بناء الإيمان، وليس أركانه، ويحمي من الخروج على حدود الله، توطين صلة الناس بالله.
وفقكم الله وحفظكم من شرور أنفسكم وأعدائكم.

 

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى