استشاراتالجنس والغرام

ابنة العم سقطت في النهر!!

  • السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم..
المشكلة عندي تبدأ من البداية وهي:
أنا شاب عمري الآن 23 سنة، وأحببت فتاة (بنت عمي)، وأنا عمري 17 سنة وأحببنا بعضنا حبًّا كثيرًا.. وكان سنها وقتها 15 سنة.. وأحببنا بعض 3 سنوات حتى كان عمري 20 سنة، وللأسف مع عدم وجود الوازع الديني أخطأنا خطأ كبيرًا.. حتى تمت الخلوة بيننا.. وكانت المشكلة الكبيرة أنها فقدت عذريتها، وأنا أصررت أن يعلم والدها وأمي ذلك.

المهم الأهل عرفوا بتلك المشكلة الكبيرة، وعرضوا عليّ الزواج منها، وأنا بصراحة رفضت، ولكن والله ليس كباقي الشباب يقولون.. كما سلمت نفسها لي، سوف تسلم نفسها لأي أحد بعد ذلك.. لا والله، لكنها كانت في مشكلة.

في الفترة من بداية هذه المشكلة وهي فقد عذريتها وعلم الأهل بهذا الخبر، كانت حوالي 6 أشهر.. في خلال الـ6 أشهر هذه أحبت هذه الفتاة (بنت عمي) شابين متتاليين، يعني أحبت شابًّا ووعدها بالخطوبة ولم تتم، وأحبت شخصًا آخر ووعدها أيضًا بالخطوبة ولم تتم.. فهذين الحدثين جعلاني لا أثق فيها.. كيف في ظل الظروف التي هي فيها وتفكر هذا التفكير، كيف لها أن تحب؟

مع العلم بعد رفضي لها.. أنا أحدث نفسي وأقول.. كان المفروض لو هي إنسانة تحس كان المفروض أن تكون متأثرة بالمشكلة التي وقعت فيها.. وليس هذا الوقت وقت حب.. يعني أنا شعرت أن الموضوع ليس في دماغها.. وعادي.. وأنا كان عمري وقتها 20 عامًا.. بعدها والحمد هداني الله إلى الطريق الصحيح والتزمت، ولي صحبة صالحة جدًّا في المسجد والحمد لله، ويعلم الله إذا كانت توبتي من هذا الذنب الكبير صادقة أم لا، وظروفي تحسنت بصورة كبيرة.. في العمل وفي حالي مع الله، وبدأت أعرف لماذا خلقنا، وما عليّ من واجبات تجاه المولى عز وجل، وما أنعم عليّ من نعم والحمد لله.

وبالنسبة لبنت عمي مخطوبة حاليًّا منذ سنتين، ولكنها بعد سنة من الخطوبة قالت لوالدها إنها ليست مرتاحة لخطيبها، وتريد تركه لعدم التفاهم، وأنا عمري الآن 23 سنة وبدأت أفكر في الارتباط بإنسانة ملتزمة، وفعلاً ارتبطت بإنسانة ذات دين منذ شهرين، كل هذه الظروف خلال الثلاث سنوات الماضية.

وطبعًا أنا لم أذهب إلى بيت عمي أبدًا طوال هذه الفترة، باستثناء مرتين كانت والدتي مريضة، ولما رأيتها مرتين يعني تأثرت قليلاً ولكن عادي، يعني المهم حاليًّا هي بدأت تلتزم قليلاً بالحجاب، والصلاة، وبصراحة كانت والدتها قد عملت عملية هذه الأيام وذهبت أزورها.. وقابلتها هناك، وكانت هناك فرصة للكلام مع بنت عمي، وقالت لي إنها تريدني أنا ولا تريد أحدًا غيري.. ليس للظروف التي حصلت زمان ولكن هي تحبني، وأنا واثق أنها تحبني، ولكنه حب العشق وليس الحب لله، كما تعلمت وبصراحة كل العائلة تكلمني أني أصلح غلطتي.. حتى لو كانت هذه الغلطة قد اشتركنا فيها نحن.. وليس أنا السبب فيها وحدي.. وهي بصراحة إنسانة طيبة.. وأنا ليس عندي مانع من الزواج منها.. ولكن كل ما يمنعني هو:

1 – أنها هوائية.. كما رأيتها أحبت شابين بعد الخطأ الكبير الذي وقعنا فيه.. كنت أتوقع أن تهدأ قليلاً.. وأعلم أن من مواصفات الزوجة الصالحة إذا غاب عنها زوجها حفظته.. فهل مثل هذه الفتاة ستحفظني إذا غبت عنها؟

2 – أنا لا أتحمل أن أرى زوجتي قد مال قلبها إلى شخص آخر.. أنا لا أعرف ماذا أفعل وقتها.. ستهدم حياتي.. وحياة أولادي.. فأخشى هذا الأمر.. هي تقول إنها ليست كذلك.. وإنها ستصون هذا الزواج.. وكرامة الرجل الذي تحمل اسمه. ونقطة مهمة أيضًا أريد منكم الرد عليها وهي الأسرة عندها مفككة.. وأخوها إنسان فاشل ويشرب المنكرات.. وليس بالبيت الجو الإيماني.

3 – أنها ما زالت في بداية الالتزام.. يعني تريد من يأخذ بيدها.. والله أعلم هل ستستطيع أن تكمل في هذا الطريق.. أم هو الالتزام حاليًّا من أجل خاطري أنا، وبعد ذلك ترجع كما كانت. وأنا أريد زوجة ملتزمة.. لتعينني على أمور دنياي وديني. بعدما تذوقت حلاوة الإيمان والحب في الله.

4 – والمشكلة الثانية.. خطيبتي ليس هناك سبب لتركها.. وإنسانة متدينة وذات خلق ودين، وأهلها كذلك.. ولكن أنا لا أريد أن أظلم بنت عمي.. يعني بمعنى أصح لو في فرصة لتصحيح الخطأ سيكون أفضل.. ولكن إذا كانت ستعيش كما أمر الله ورسوله.. ولكني أحدث نفسي وأقول لو بنت عمي أصبحت فتاة صالحة.. يبقى الواجب عليّ أن أصلح غلطتي وأتزوجها.. حتى لا يعلق هذا الذنب في رقبتي يوم القيامة.

5 – ومن ناحية أخرى كما قلت أنا أيضًا ميّال لها قلبيًّا.. ولا أخفي أني أحبها.. أنا خائف فقط من ناحية الخيانة، وأنها تنظر إلى غيري فيما بعد.. حتى لو مجرد النظرة، فأنا أعتبرها خيانة، وليست الخيانة هي الاجتماع بين رجل وامرأة.

وأنا الآن في حيرة خاطب منذ شهرين، وأمامي بنت عمي التي أحببتها من عمر 17 إلى 20 سنة وأريد تصليح الخطأ، ولكن لا على حساب حياتي وحياة أولادي.. قد حكيت كل شيء بالتفصيل.. بالنسبة لموقف الأهل.. قالوا أنت صاحب القرار.. مع الأخذ في الاعتبار أنك وبنت عمك مشتركان في خطأ.. وبالنسبة لعمي عنده استعداد أن يترك خطيب ابنته لو أنا قلت سأتزوج ابنته.. وأيضًا هو يحبني.. ولي معزّة عنده كبيرة.. آسف على الإطالة.

كل ما أريد معرفته:
1 – هل يجب عليّ أن أتزوجها.. نتيجة لما حدث بيننا، وكل فترة أتذكر قول الله.. “الزاني لا ينكح إلا زانية…”، فهل هذه الآية تنطبق عليّ؟

2 – ولو تركتها يبقى عليّ ذنب.. طبعًا الذنب لا يغفره إلا الله، ولكن أقصد يجب عليّ الزواج منها تحت أي ظروف.. أنا أتمنى زواجها.. ولكن بشرط أن تكون زوجة صالحة. ولكني لا أدري ماذا ستكون بعد الزواج؟

3 – ولو وافقت على الزواج منها كيف أختبرها لكي أعرف أن الالتزام ليس من أجلي، ولكنه لله عز وجل؛ لأنه لو كان من أجلي سوف يذهب مع الوقت، ولو كان لله عز وجل لن يزول؟

4 – لقد صليت استخارة، وبعد الاستخارة خائف من الموضوع، فهل هذا دليل على الابتعاد عنه، وأيضًا الشكل الاجتماعي وضعه في الاعتبار، وأخشى كلام الناس، حيث إن كثيرًا من العائلة عندنا عرفوا بذلك الموضوع، وأنا بطبعي لما أحد ينظر لي نظرة غير عادية أتضايق جدًّا، وكلهم أشاروا أن هذا الزواج لم ينفع، فهما شيئان الخوف من عدم صيانتها لي وللحياة الزوجية، ومن الشكل الاجتماعي لي ولها أيضًا.

سامحوني على الإطالة، ولكني في حيرة من أمري، وأريد مساعدتكم، فلا تتأخروا في الرد علي، وجزاكم الله خيرًا.

أتمنى منك -أخي قارئ الرسالة- أن تكون قد تفهمت نفسيتي، وكل ما يدور في دماغي، وتنصحني لكل خير إن شاء الله، وترد عليّ في أقرب فرصة؛ لأني عانيت حتى أرسلت لكم هذه الرسالة؛ بسبب الضغط عليّ، ولأني محتار جدًّا في هذا الأمر.

 

  • الجواب:

أخي السائل..
اسمح لي أن أتوجه بداية إلى مجتمعنا وشبابنا بكلمة، فكثيرًا ما يأتي الآن من الشباب أسئلة أنه أخطأ، وليت الخطأ كان واقفًا عند حد معقول، فنحن بشر، لكن هاجني وأزعجني هذه الكثرة العجيبة من الوقوع في الزنا، بدعوى الحب.

إنه أصبح أمرًا غريبًا، ما الذي يحدث من شبابنا وبناتنا، أصبح هتك العرض أمرًا يسيرًا، وارتكاب الفاحشة أمرًا معتادًا -في السر- عند كثير من الرجال والنساء، عزابًا ومتزوجين، حتى أضحت ظاهرة، يجب على المربين والعلماء والدعاة والهيئات والمؤسسات التربوية، والحكومات والأنظمة أن تنظر إليها بنوع من الرعاية في التفكير المتجه نحو الإصلاح، بعد دراسة شاملة للأسباب التي تدفع الشباب إلى هذا، ومعرفة آثارها، وطرق علاجها؛ إذ أصبحت أمرًا مزعجًا للغاية، على المستوى الإنساني، والمستوى الالتزامي للإنسان، كما أنه عجيب بالنسبة للفتاة؛ لما تمتاز به من حياء أكثر من الشاب، وإن كان كلاهما مسئول عن خطيئته، مشترك في جرمه وإثمه.

كما أن هناك بعدًا آخر، وهو أن ينظر كل من يفعل الفاحشة أنه يساعد في إيجاد هذا الخبث، فلم يقف عند حد الخطأ الفردي، بل تعدى إلى أن يشارك في أن تكون ظاهرة، فيبوء بإثمه، وإثم من عمل مثله؛ لأنه اشترك في تسويقها، وإن لم يكن يقصد.

ولتسمح لي أخي السائل أن أناقش معك بعض النقاط التي سألت عنها، متبادلاً معك أطراف الحديث، حتى تقف على بعض النقاط التي يمكن أن تنطلق منها في تفكيرك؛ لاتخاذ قرار مناسب لك إن شاء الله تعالى.

لقد لمت ابنة عمك أنها بعد ما حدث ما حدث بينكما أنها أحبت شابين، وأعيد لك الأمر، ما تفعله ابنة عمك ليس حبًّا، بل هو شوق لما تدخره النفس من خبث واتباع الشهوة المحرمة، فليس في مجرد أنها أحدثت علاقة أنها تحب فلانًا، ثم فلانًا، فالحب ليس هذا الذي يتنقل الإنسان عبره من إنسان لآخر، ربما كان إعجابًا، لا بأس بهذا، وعلى كل، فليس هناك أحد يصوب ما فعلته ابنة عمك، ولكن لا تنسَ أنت أيضًا نفسك، فلا تبرئها مما اقترفت.

وفي ظني أن ما فعلته أنت وابنة عمك، إن كان مجرد خطأ، يعني لم يكن متكررًا، وأن بينكما علاقة حميمة تمثل حاجة كل منكما إلى الآخر، فهذه يتحدث عنها بعدما أخذت أنت طريقًا، وهي الأخرى أخذت طريقًا آخر.

ربما كان من الستر أن تتزوج ابنة عمك، لكنك أشرت إلى شيء مهم، وهو أنك تخشى أن تكون بدأت في الالتزام من أجلك، وإن كان هذا دليل على حبها لك، وحاجتها أن تكون معك، ولكن أنت أدرى الناس بكونها التزمت، وكيف طرأ في ذهنك أنها ستلتزم لأجلك، وليس لله؟ مع أن المسافة كما تتضح بينكما أصبحت بعيدة، فلم يجرِ حوار بينكما إلا مرتين في فترة طويلة، عبرت عن حاجتها إليك، ثم رأيت في نفسك شيئًا مما قالت، فهل هذا دليل على الحب بينكما صدقًا أم أنه مجرد ميل للماضي؟

ربما ليست هناك مشكلة عند ابنة عمك؛ لأنها -كما ذكرت- لا تريد خطيبها، ولكن أنت، هل ترى مخطوبتك مناسبة لك؟ وهل تعلم هي بما صنعت، ورضيت بك؟ وماذا لو لم تكن تعلم، ثم علمت بعد إتمام الزواج؟

لا بد أن تحدد موقفك من ابنة عمك جيدًا، هل تحبها صدقًا، وفي حاجة إليها؟ فإن كان الشأن كذلك، فزواجك منها خير من أن تظل تذكرها بعد زواج كل منكما، وقد يحدث ما لا تحمد عقباه، أو على الأقل يكون عائقًا لك في حياة الزوجية، فتظلم زوجتك من حيث لا تدري.

أما إن كان شعورك بها، هو مجرد محاولة لإصلاح الخطأ الذي حدث، وأنك قد تبت منه توبة صادقة، وأنك ترى ابنة عمك غير صالحة لك كزوجة، فمن الظلم أن تترك مخطوبتك؛ لأنه لم يبدُ منها شيء، على أن تعرف في نفسك عدم ميلك لابنة عمك، وأنك لن تفكر فيها ثانية، وأن هذه كانت مرحلة انتهى وقتها.

ثم ستكون ابنة عمك هي ابنة عمك، بما بينكما من صلة رحم، وعلاقة طيبة، ولكن بعد مناقشة الأمر جيدًا، وتحديد الخطوط الصحيحة في موضوعك.

وليس من شروط التوبة أن يتزوج الإنسان من وقع معها في الفاحشة، فقد تكون غير مناسبة له كزوجة، فإن كانت مناسبة له، فالأولى أن يتزوجها، وخاصة أنك ما زلت في فترة خطوبة، يعني أن الظلم الذي قد يقع على مخطوبتك قليل بالمقارنة إن قررت هذا بعد زواجكما، فلأن تفسخ الخطوبة في وقت مبكر خير من الطلاق.

وقد تحدثت عن اختبار ابنة عمك، فأنت أدرى بهذا، ويمكن لك السؤال عن سيرتها في البيت، وفي الأماكن الخاصة، حتى تتأكد من حسن التزامها، ثم تنظر رأيك، وتأخذ قرارك، بعد الاستخارة مرة بعد مرة، ثم تتوكل على الله تعالى، فإن الله سييسر لك الخير إن شاء الله.

أما عن الأهل وعلمهم، فما أحوجنا أن ننظر إلى ربنا، وكيف حالنا معه سبحانه، وأن نراقبه في أفعالنا وأقوالنا وأحوالنا، قبل أن نراقب البشر.

وقد عرف الأقارب الموضوع، فأي شيء تخشى بعد ذلك؟ لا تجعل هذا سببًا يدخل في اتخاذ قرارك في زواجك من ابنة عمك، ولكن الحب بينكما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: “لم يُرَ للمتحابين مثل الزواج”، والآخر: صلاحية إقامة حياة أسرية بينكما.

وفقك الله سبحانه لما يحب ويرضى، وتقبل توبتك، ورزقنا وإياك دائمًا التوبة النصوح.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى