استشاراتالشبهات

الدعاء وتغير الأقدار

  • السؤال:
السلام عليكم. 
أرجو من فضيلتكم توضيح معنى -كثرة الدعاء تغير الاقدار- لانني لم أحط بمعنى القدر والقضاء، فهل نحن رهائن ما كتبه الله لنا أم لنا الفدرة بالعبادة والدهاء تغيير الحال، أرجو منكم توضيح هذا المعنى وشكرا.

 

  • الجواب:

الأخت الفاضلة:
عموم المسألة التي تسألين عنها، هي أن الله تعالى يعلم كل شيء، ولا يحدث في كونه إلا ما أعطى لصاحبه القدرة على الفعل، ولكنه سبحانه وتعالى أمرنا بالطاعة، ونهانا عن المعصية، ثم ترك لنا حرية الاختيار “وهديناه النجدين”، فكثير من أمور الإنسان هو مخير فيها، ولكنه لا يختار شيئا لا يعلمه الله سبحانه وتعالى، فالله أعلم بما سيفعل الإنسان قبل أن يفكر الإنسان في فعل الشيء، لأنه سبحانه أحاط بكل شيء علما، وأنه سبحانه “لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء”، ونحن نريد أن نفرق بين مساحتين، الأولى: قدرة الإنسان على الفعل، هي من قدرة الله تعالى التي أعطاها إياه، وجعله مختارا فيما يفعل، ولكنه محاسب على كل ما يفعل، والمساحة الأخرى علم الله الذي أحاط بكل شيء، وأنه لا يخفى عليه شيء، بل علمه سبق علم الإنسان بحال نفسه.

وهناك جزء من الأحداث هو خارج عن إرادتنا، ذلك الذي أخذنا بالأسباب فيه، ولم نصبه بعد أخذنا بالأسباب، لأن الله تعالى لم يشأ أن يحدث هذا الشيء، وفي هذه النقطة نؤكد أن الله تعالى بنى الدنيا على قانون السببية، ولكنه سبحانه لا يحدث في كونه إلا بعلمه، فإن أراد ألا يحدث هذا الشيء، فهو يقدر ألا يحدث لا يسأل عما يفعل وهم يسألون”. 

وهذا يعني أننا لسنا رهائن القدر المحتوم في كل شيء، لأن الله تعالى أعطانا الحرية في الاختيار والفعل في كثير من الأمور، لكننا رهائن القدر المعلوم، وبعض القدر المحتوم، وأقصد بالقدر المعلوم أي علم الله تعالى بكل شيء قبل حدوث أي شيء، والقدر المحتوم هو ما قدر الله تعالى حدوثه بغير إرادة واختيار الإنسان.

فمجيء المولود أنثى أو ذكر هذا شيء لله، وموت الإنسان هذا شيء لله، ولكن رزق الإنسان هو فيه من جزء من قدر الله المحتوم، لأن الله تعالى كتب لكل إنسان رزقه في الدنيا، وعلى المرء أن يسعى لتحصيل ما كتب الله تعالى له، ولكنه لا يأخذ شيئا إلا مما كتب الله تعالى له، فيكون التحصيل يدخل فيه الأخذ بالأسباب، والمقدار الكلي هو لله تعالى.

والاختبارات التي يدخلها الإنسان أو ا لطلاب، هي رهن المذاكرة والاجتهاد، فهذه باختيار الإنسان، لكن ربما يحدث للإنسان شيء يعيقه عن دخول الامتحان من مرض مفاجئ، أو شيء خارج عن إرادته، فتكون من القدر المحتوم.

وعلى كل، فالله تعالى أعطى الإنسان الاختيار في أغلب الأشياء في حياته، وجعل بعض الأشياء من الأمور المحتومة، وهذه تدخل ضمن القدر الإلهي الذي يكتب للإنسان الخير دائما.

  • أما ما يخص تدافع البلاء والدعاء،

فقد وردت فيه أحاديث حسان، وبعضها فيه ضعف، ولكنه في النهاية من الغيب الذي لا نعلمه، فالإنسان يدعو، وربما دفع الله تعالى بهذا الدعاء بلاء قد ينزل بالعبد، ولكن العبد لا يعرف عن هذا شيئا في الدنيا، فلا نشغل به أنفسنا، ولكن نشغل أنفسنا بالدعاء.

ومن هذه الأحاديث ما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء رواه الترمذي والحاكم كلاهما من رواية عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي وهو ذاهب الحديث عن موسى بن عقبة عن نافع عنه وقال الترمذي حديث غريب وقال الحاكم صحيح الإسناد.

وفي رواية ضعفها الإمام الألباني، من رواية ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة وما سئل الله شيئا أحب إليه من أن يسأل العافية إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء.
فنشغل أنفسنا بالدعاء، ولنخطط لمستقبلنا، ولنوقن أن أخذنا بالأسباب يدفعنا إلى النجاح، وأي شيء لا يتم في هذا الإطار يكون من قدر الله المحمود لنا، لأن الله سبحانه لا يقدر لعباده إلا الخير، ولا يحجب عنهم إلا الشر.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى