- السؤال:
كيف أعرف أن الله قد تقبًل مني أعمالي؟ |
- الجواب:
الأخ الفاضل:
ليس مطلوبًا من المسلم أن يوقن أن الله تعالى تقبل عمله، فقبول العمل من أعمال الله تعالى التي لا يعلمها إلا هو، وعلى المؤمن أن ينظر ما عليه، وأن يترك ما له؛ لأنه ليس هذا من عمله، بل هو شيء له، ولكن هو يسعى أن يكون العمل خالصا قدر الاجتهاد، ولهذا كان من شيم المؤمنين كما وصفهم ربهم عز وجل في كتابه العزيز: {وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا۟ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَٰجِعُونَ}، ولما سألت السيدة عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معنى هذه الآية، أهم الذين يزنون ويسرقون. فقال لها: “لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون، ويخشون ألا يتقبل منهم”.
- وفي سبيل تحقيق الإخلاص:
– يجاهد الإنسان نفسه، وينظر قبل إتيان العمل.. هل هو لله تعالى؟
فإن كان لله أمضاه وتوكل على الله، وإن كان لغير الله توقَّف، وصحَّح نيته، وجعلها لله.
– أن يطرد الإنسان وساوس الشيطان حين يزين له الافتخار بالعمل، وأن يكثر من الاستعاذة بالله تعالى منه.
– أن يكون الإنسان وجلاً ألا يُقبل عمله عند الله فيضيع منه، ويكون هباء منثورا، كما قال تعالى: “والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون”، والإنسان يعمل العمل الصالح ولا يدري هل تقبل الله تعالى منه أم لا؟
– أن يعقل الإنسان حقيقة ثناء الناس عليه، فما الذي يعود عليه حين يثني عليه الناس الثناء الحسن، وقد ضاع ثواب العمل عند الله؟
فيكف بمن قال الله تعالى فيهم: “قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا”.
– أن ينظر المسلم ثواب الله تعالى وثواب الناس، فقد ادخر الله تعالى لعباده الصالحين في الجنة مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ولكن ما يملك الناس أن يفعلوا له إلا كلمات تخرج من أفواههم، لا تجاوز خناجرهم، تخرج في الهواء الطلق لا فائدة منها تعود عليه.
– أن يوقن المسلم أنه عبد الله، وأن على العبد أن يقدم العمل لسيده لا لعبيد مثله، لأنه من غباء المرء أن يجهل طبيعة عمله، فلا يدري كيف يعمل، ولا يدري لمن يقدم العمل، بل الأشد من هذا أن يعرف الإنسان لمن يقدم العمل، ثم هو يتعمد أن يقدمه لمن لا يستحق، بلا ثمن مجز.
– أن يجاهد الإنسان نفسه بخطوات عملية، فيمكن له أن يكون معه ما يشبه “الكراسة” الصغيرة، فكلما وجد في نفسه عملا لغير الله سجله، وصحَّح فيه نيته، واستغفر الله تعالى منه، ويواظب المتابعة مع نفسه حتى يصل إلى الإخلاص، ومن داوم قرع الباب يوشك أن يفتح له، “وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ”.
– أن يكثر الإنسان من الدعاء لله أن يرزقه سبحانه ويمن عليه بإخلاص العمل له، وأن يتعوذ من الرياء، كما أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا في حديثه: “اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه”.
– وأن يسال الله تعالى الإخلاص: اللهم اجعل عملي خالصا لوجهك، ولا تجعل لأحد فيه شيئا يا رب العالمين، أو غيرها مما يحب أن يدعو به.
– أن يوقن أن من يتوجه إليهم بالعمل وذكره أمامهم أنه بشر مثله، لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا يملكون لأنفسهم موتا ولا حياة ولا نشورا.
– أن يعظم الله تعالى في نفسه وفي علمه، ومن تعظيمه له سبحانه، أن يتقدم الإنسان بعمله له وحده، فهو سبحانه الذي يجزي الذين أحسنوا بالحسنى.
نسأل الله سبحانه أن يرزقنا الإخلاص في سرنا وعلانيتنا وفي كل أمرنا.
وقد يكون هناك علامات للقبول، مع عدم القطع به، أن يداوم الإنسان على فعل الخير والطاعة، وأن يبتعد عن المعصية، وأن يحدث لكل معصية توبة، فيتحلى بالتوبة إلى الله تعالى على وجه الدوام، ويكون حاله دائما بين خوف من الله تعالى ألا يتقبل منه العمل، ورجاء أن يتغمده الله تعالى برحمته، وأن يتقبل منه صالح العمل، وأن يثيبه عليه بما الله تعالى به أهله.
- وكما قال العلماء: من علامات صحة العمل وقبوله:
1- أن يكون وفق منهج الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
2- أن يخلص العمل لله تعالى، فكما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله لا يتقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه”.
والله الموفق للخير، وهو يتقبل العمل الصالح من عباده برحمته.
- د. مسعود صبري