استشاراتتقوية الإيمان

كيف أعيش رمضان بطعم الطاعة

  • السؤال:
السلام عليكم، مشكلتي أني أشعر بفتور كبير بالرغم من أننا في 7 أيام رمضان، أشعر أن كل العبادة أصبحت بلا لون أو طعم أو رائحة، لا أعرف ماذا أفعل، وأخاف أن تفوتني ليلة القدر بسبب هذا الفتور.

أنا لا أقول: إني لا أصلي، والحمد لله فمن فضله فأنا محافظة على الصلاة ولكن بلا طعم.. ساعدوني رجاء.

قد تكون المشكلة أن هذا أول رمضان أقضيه بالبيت بعد أن تخرجه؛ فلا أجد جديدا في حياتي، أشعر بأنه ليس لدي همة وأؤدي العبادة لأنها واجبة فقط.

 

 

  • الجواب:

الأخت الفاضلة، كلنا نحتاج إلى تجديد في حياتنا، وتغيير في كثير من أمورنا، مع الحفاظ على الثوابت، وليس التجديد وقفا على أمور حياتنا فحسب، بل من الأولى أن يكون أيضا في علاقتنا بالله تعالى، وفي دعوتنا إلى الله، وفي علاقتنا الاجتماعية والأسرة.

ومن خلال كلامك فإنك تركزين على العبادة في الغالب؛ فأنت تقولين: إنك تحافظين على الصلاة ويفهم أيضا العبادات، غير أن الإيمان ليس عبادات فحسب؛ فكثير من الأعمال الصالحة تحيي القلب، خاصة حين تنقلب العبادات إلى حركات تؤدى، فتكون المحصلة في الإيمان ضعيفة.

ومن أهم معوقات الإيمان التي تسبب الفتور هو إتيان المعاصي مع الطاعات، فإن المعاصي تجعل الطاعات هيكلا لا قلب له، ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل اتقاء المحرمات من أعبد العبادات، فقال صلى الله عليه وسلم: “اتق المحارم تكن أعبد الناس”، وذلك لأن ترك المحرمات بمثابة تنظيف الأرض مما يعيق الإنبات فيها، أو هو بمثابة قتل للجراثيم والميكروبات الفتاكة؛ فحين يتغذى الإنسان بما ينفع الجسد، فإن النفع يقل بسبب تلك الموانع من الميكروبات وغيرها، ولهذا فإن المرء يشعر بالطاعة كلما ابتعد عن المعصية يجد حلاوتها في قلبه، حتى لو كانت قليلة؛ لأن ترك المحرمات يقضي القلب حيا يشعر بأي عمل ولو كان صغيرا يأتيه الإنسان.

ومن أهم ما يعالج الفتور هو الاهتمام بعمل القلب أكثر من عمل الجوارح، بل يجعل من عمل الجارحة تغذية للقلب، ولهذا جعل المدار كله على القلب، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب”.

كما أن التنويع في العبادات ينشط القلب والنفس؛ فعبادة التأمل تفتح القلب للإيمان، وتلاوة القرآن تجلي ما على القلب من ران، وعون المحتاج ومساعدة الضعيف، والعطف على اليتامى والمساكين، وغيرها من الأعمال الاجتماعية تزيل قساوة القلب، وتجعل الإيمان دائما حيا.

كما أن حسن الصلة بالله تعالى وتوحيده وذكره الدائم مادة تغذي الإنسان بالإيمان الدائم. وفي تنويع الوسائل مساعدة للنفس من ترك الملل في العبادة، فتغيير المسجد مثلا، والتفكير في إيجاد وسائل جديدة للطاعات تجعل النفس لا تمل.

وفي قراءة الصالحين ما يجعل المرء دائما يجد أمامه القدوة الصالحة، فيرى عمله قليلا في عينه مهما عمل، مقارنة بما كان يفعله السلف الصالح، وفي رؤية لإخوانه ممن ينشطون للعمل الصالح زاد له أن يستمر ولا يفتر.

كما أن في العمل الجماعي بصحبة الصالحين تنشيطا للقلب من الفتور؛ فحين يرى الإنسان نفسه مع مجموعة صالحة تعينه على طاعة الله تعالى، وتأخذ بيده، فتعينه إن ذكر، وتذكره إن نسي، فتعجل قلبه دائما حيا بالإيمان.

ومدار ذلك كله: القلب الخاشع العابد، والصحبة الصالحة، وتنويع وسائل العبادة، وتنوع العبادة من عبادة الجارحة، وعبادة القلب، وكثرة الأعمال، تذهب الفتور.

أعانك الله وإياك على طاعته.

د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى