استشاراتتقوية الإيمان

زيادة الإيمان بعون الجيران

  • السؤال:
هل تقوي العلاقة الإيمانية بين العبد وربه إذا ما وقف إلي جوار جاره؟

 

  • الجواب:

من الخطأ أن نفهم أن الإيمان يزيد بأداء العبادات وحدها، فالإيمان يزيد بالطاعات، والطاعة اسم جامع لكل ما يحب الله تعالى ويرضى، بل إننا نلحظ أن ثواب الأعمال الاجتماعية الصالحة لا تقل عن العبادات، فحين يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن امرأة كثيرة الصلاة والصيام والصدقة تنفلا، ولكنها تؤذي جيرانها، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم عنها: “هي في النار”. وسئل عن امرأة أخرى قليلة الصيام والصلاة والصدقة تنفلا، ولكنها تحسن جيرانها، فقال صلى الله عليه وسلم: “هي في الجنة”.

وقد وعد الله تعالى المسلم الذي يقف بجوار صاحبه أن يرزقه معيته في الدنيا والآخرة، فقال صلى الله عليه وسلم: “كان الله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه”، فحين يقف المسلم مع جاره في فرحه أو حزنه، يفرح له، أو يخفف عنه آلامه، أو يعوده حين يكون مريضا، أو يزوره حبا في الله، فكل هذه من أعمال القلوب، فليست أعمال القلوب بين العبد وربه خاصة، بل تشمل بينه وبين نفسه، وبينه وبين غيره، وذلك أن المسلم يتقدم بعمله الذي يعمله مع غيره لله تعالى، فالعمل في الحقيقة مرده إلى الله، فيكون الله تعالى هو المقصد الأسنى والأسمى من العمل، ولما كان نفع العمل عائدا من عبد من عباد الله، إلى عبد من عباد الله، كان ثوابه أعظم، فالعبادة نفعها تعود على صاحبها وحده، أما الأعمال الإيمانية الاجتماعية فيعود نفعها على المسلمين جميعا، وأولى الناس بهذه الأعمال هو الجار، فتحسن إليه، ويزداد إيمانك.

والمطلوب من المسلم مع جاره أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم قدوته، فيحسن إليهم إذا أساءوا إليه، ويعطيهم إذا حرموه، وأن يصلهم إذا قطعوه، وأن يكون كالنسمة الجميلة والوردة التي تفوح عطرا ولو بين أشواك، أو مع ورود وزهور أخرى.
وزيادة الإيمان في التعامل مع الجار لن تأتي بالفعل وحده، بل استحضار النية فيه أنه لله تعالى، وأنك تعين جارك، أو تدخل عليه سرورا أو تزيل عنه هما، فالعمل والنية تزيد الإيمان.

وهذه الأعمال ليست حصرا على أعمال الدنيا، كالإعانة والزيارة وغيرها، بل عونه أيضا على أعمال الإيمان مما يزيد الإيمان، فدعوة الجار للصلاة، أو للالتزام سلوك حسن، أو التأدب بأدب من آداب الإسلام وغير ذلك من أمور الدين هو مما يزيد الإيمان عند المسلم الحق.

ومن أرق الأعمال بين الجيران الهدية، ولو كانت قليلة، فربما قلم تهديه لجارك، أو شريطا أو شيئا صغيرا تدخل به الفرح على قلبه، وينقلب ذلك الفرح إيمانا تجد حلاوته في قلبك.

و على كل، فكل عمل صالح تقوم به مع جارك من أمر الدين والدنيا هو مما يزيد الإيمان.
وفقك الله تعالى لما يحب ويرضى.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى