استشاراتتقوية الإيمان

فضح الجار المؤذي

  • السؤال:
ماهو حكم الجار الذى يؤذى جاره بنقل كلام لم يحدث منه الى باقى الجيران؟ هل أدافع عن نفسى فافضحه فى أمور يقوم بها فعلا؟ وما هو جزاء الصبر على أذى الجار؟ وللعلم هو مسلم.

 

  • الجواب:

الأخ الفاضل:

لا شك أن أذى الجار من الأمور التي تضعف إيمان الإنسان، وأن الإحسان إليه مما يزيد إيمان المرء كما جاء في حديث: “من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره.”

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصى بالصبر على الجار، كما ورد عن عن محمد بن عبد الله بن سلام أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: آذاني جاري، فقال: اصبر ثم عاد إليه الثانية فقال: آذاني جاري، فقال: اصبر، ثم عاد الثالثة فقال: آذاني جاري، فقال: اعمد إلى متاعك فاقذفه في السكة، فإذا أتى عليك آت فقل: آذاني جاري فتحقق عليه اللعنة من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو يسكت.

والمسلم لا يتعامل مع غيره بالشر إن كان غيره يتعامل معه بالشر، فليس المسلم إمعة، لكنه يتعامل بما يحب الله تعالى ويرضى، فهو لا يريد شفاء غليله أو الانتقام من أحد، ومع هذا، فإن من حقه أن يصوب الخطأ، أو يكون له موقف من تصحيح الخطأ الذي وقع فيه جاره بالحسنى والموعظة الحسنة، وقد قال تعالى: {وَلَا تَسْتَوِى ٱلْحَسَنَةُ وَلَا ٱلسَّيِّئَةُ ۚ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُۥ عَدَٰوَةٌۭ كَأَنَّهُۥ وَلِىٌّ حَمِيمٌۭ * وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ٱلَّذِينَ صَبَرُوا۟ وَمَا يُلَقَّىٰهَآ إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍۢ}.

وقد جاء رجل إلى ابن مسعود رضي الله عنه، فقال له: إن لي جاراً يؤذيني ويشتمني ويضيق علي، فقال: اذهب فإن هو عصى الله فيك فأطع الله فيه.

واعلم أن للناس عقولا يفهمون بها، وآذانا يسمعون بها، وأن كل ما ينقل عنك سيدافع الله تعالى عنك، لأنك مظلوم، والمظلوم ينصره الله تعالى، ويمكن لك أن تهدده بالدعوة عليه إن لم يكف عن أذاك، وذكره حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن دعوة المظلوم ” وعزتي وجلالي لأنصرك ولو بعد حين “.

أما عن الصبر عن الجار، فهذا من محامد الأخلاق، وشيم الرجال، وفضله عند الله تعالى كبير، وقد قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّـٰبِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍۢ} فالصبر في كل شيء ليس له حد، فقد جعل الله تعالى ثوابه مفتوحا غير محدد، لا يعلمه إلا الله تعالى، فأبشر بصبرك على جارك، وانتظر ثواب الله تعالى لك، وجدد نيتك دائما في فعلك مع جارك، وادع له، فإن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، ولا تدري، فربما ينقلب العدو صديقا يوما من الأيام، وما ذلك على الله بعزيز، وكما قال تعالى: {ٱدْفَعْ بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُۥ عَدَٰوَةٌۭ كَأَنَّهُۥ وَلِىٌّ حَمِيمٌۭ}.

جزاك الله تعالى على صبرك خيرا، وعوضك ما تتحمله في سبيل هذا الخير الكبير.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى