استشاراتتقوية الإيمان

التوفيق بين الطمع في الرحمة والخوف من الله

  • السؤال:
كيف أوفق بين محبة الله عز وجل وطمعى في وحمته وبين خشيته تعالى والخوف منه؟

 

  • الجواب:

شكر الله تعالى لصاحب هذا السؤال سؤاله.
و أحسن ما عبر عنه القرآن الكريم {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا}، وقال: {وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِى نَفْسِكَ تَضَرُّعًۭا وَخِيفَةًۭ}، وكثيرا ما يجمع الله تعالى في القرآن الكريم بين الخوف والرجاء، وهما كما عبر الإمام ابن القيم أن المسلم يسير في طريقه كطائر له جناحان، جناح الخوف وجناح الرجاء.

وليس الجمع بينهما مستحيلا؛ فالخوف يكون لما يرتكب الإنسان من المعاصي والآثام، فيخاف من عقاب الله، كما أن الخوف يكون أيضا حين يأتي الأعمال الصالحة، فيخاف ألا يتقبل منه، وهو ما عبر عنه القرآن الكريم في وصف عباد الله الصالحين {وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا۟ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَٰجِعُونَ}، فهو يعمل العمل الصالح، ويخاف ألا يتقبل منه، فقد يدخل في عمله شيء من السمعة أو الرياء أو الشرك للغير، أو العجب أو التباهي، فهو يريد أن يخلص عمله، فلا يكون فيه شيء إلا لله سبحانه وتعالى.

وهو أيضا لا يفارق الرجاء؛ فالله تعالى كما أخبر عن نفسه {هُوَ أَهْلُ ٱلتَّقْوَىٰ وَأَهْلُ ٱلْمَغْفِرَةِ}، فهو مع ارتكابه للذنب يرتجي رحمة الله ومغفرته، وهو كما أخبر عنه رسولنا صلى الله عليه وسلم “إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل”، وهو القائل: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}، فكيف لا يطمع المؤمن في كرم الله تعالى وعفوه عن عباده.

وهو إن كان في حال صلاح وتقوى عنده رجاء وطمع في أن يتقبل الله تعالى منه عمله الصالح، وأن ينميه له، وأن يبارك له فيه، وأن يثبته عليه؛ فالمؤمن خائف من الله في حال الذنب، وفي حال الطاعة، وهو يرجوه في حال الذنب وحال الطاعة أيضا.

وقد قال تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِىٓ أَنِّىٓ أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلْأَلِيمُ}، فعبر عن الرجاء في الأولى، وعن الخوف في الثانية، وهذا ما يجب أن يكون عليه حال العبد بأن يجمع بين الخوف والرجاء.

أما عن ربنا سبحانه وتعالى، فقد أخبر “ورحمتي سبقت غضبي”، بل جعل هذا مكتوبا تحت العرش، وقد قال في محكم تنزيله {وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْءٍۢ}، ومن جميل ما قرأت من أدعية معاصرة: اللهم إنك قلت: “ورحمتي وسعت كل شيء”؛ فأنا شيء من أشيائك، فسعني برحمتك.

رزقنا الله تعالى الخوف منه، والطمع في رحمته.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى