- السؤال:
ما هى شروط الإيمان؟ |
- الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخ الفاضل:
كان الإيمان في الصدر الأول بعيدا عن التنظير والتقعيد، فلا كان الناس يتكلمون عن الشروط وما يجب وما لا يجب، وإن كانوا يمارسون هذا،فكان يشغلهم العمل عن التنظير، فهم يأخذون من العلم ويحولونه إلى فعل بمساحة أكبر.
الذي يهم في الإيمان أن يكون صادقا، وأن يتوافر فيه الإخلاص لله تعالى، وهو من أهم شروط الإيمان، شرط صحة وشرط وجوب أيضا، فالإيمان يجب أن يكون لله وحده، وأن يكون كل شيء أمرنا أن نؤمن به متفرعا من هذا الإيمان فهو الأصل. وحين ننظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم في تعريف أركان الإيمان: “أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر، خير وشره.” فسنجد أن الإيمان بالملائكة والكتب والرسل واليوم الآخر والقدر، هو جزء من الإيمان بالله تعالى، لأن الله تعالى هو الذي أمرنا أن نؤمن بهذا، ولولاه ما كان الإيمان.
ومن شروط الإيمان بعد الإخلاص العلم، فيجب أن يكون إيمان الإنسان عن علم لا عن جهل، وعن اقتناع لا تقليد، وقد قال تعالى: {فَٱعْلَمْ أَنَّهُۥ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ وَٱسْتَغْفِرْ لِذَنۢبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ}، ولأن الإيمان بالله لا يتم إلا بالعلم بالله تعالى، وهو أصل العلوم وأمها، وكل علم لا يصب في العلم بالله تعالى فهو هباء منثور لا قيمة له.
ومن أهم شروط الإيمان الخشية، فإيمان بلا خشية جسد بلا روح، وما قيمة الجثة الهامدة، إن لم يكن فيها روح تجعل تسير وتتحرك؟ ولهذا قرن الله تعالى بين العلم والخشية حين قال: {إِنَّمَا يَخْشَى ٱللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ ٱلْعُلَمَـٰٓؤُا۟} فجمع بين الخشية والعلم والعبودية له سبحانه وتعالى.
ومن أهم ما يجب أن يتوجه به الإيمان الواقعية والعملية، بحيث يكون هذا الإيمان محركا في النفس نحو الخشية لله سبحانه وتعالى، وامتثال أمره، لا أن يكون مجرد كلمات محفوظة فحسب، وفي الأثر “الإيمان ما وقر في القلب، وصدقه العمل.” وهو أيضا تصديق بالجنان، ونطق باللسان، وعمل بالجوارح والأركان، كما عبر به علماؤنا.
والواقعية لا تقف عند الإنسان نفسه، بل يجب أن يتحرك المؤمن بالله بإيمانه للغير، حتى يكون من أفضل الناس، قال تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًۭا مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَـٰلِحًۭا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ}
أخي..
اشغل نفسك بإيمان العمل، وتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، واعلم أنه قريب منك، يقبل عليك إن أقبلت عليه، كما جاء في الحديث: “ومن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا، ومن تقرب إلي ذراعا تقربت منه باعا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة”.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا إيمانا صادقا، وأن يثبتنا عليه ما حيينا، وأن ينفع به عند لقائه سبحانه.
ولا تنسنا من دعائك.
- د. مسعود صبري