استشاراتالدعوة

الذنب يبعدني عن الدعوة فما العمل؟

  • السؤال:
الحمد لله أنا ملتزم، ولكن يستدرجني الشيطان إلى المعصية والنظر إلى ما حرم الله، ولكني أتوب ثم أعود حتى ابتلاني عز وجل بمرض بسبب هذا النظر والآن ينزع إيماني، كلما فكرت في هذه الألم الشديد، وهذا يبعدني عن الدعوة إلى الله ومجالسة الصالحين وأجد نفسي مكتئبا مما فعلت في حق الله، وأنا مقبل على الزواج عسى أن يكون حلا لهذه المشكلة. معذرة للإطالة وأرجو الرد سريعا.

 

  • الجواب:

الأخ السائل:
يقال في المثل: لا تبك على اللبن المسكوب، فأنت قد نظرت إلى ما حرم الله تعالى، ولكنك تذكر كما جاء في سؤالك أنك تبت إلى الله تعالى، بل نحسب أن الله تعالى كفر عنك ما فعلت بهذا المرض، فإن من حكم الابتلاء تكفير الذنب، فدع عنك هذا اليأس، ولا تجعل للشيطان عليك سبيلا، فإن الشيطان يقنط الناس من رحمة الله تعالى.

ويجب أن ندرك أننا في معركة من الشيطان، وليس من الفطنة أن يترك المسلم ميدان الخير لأجل أنه يأتي الشر، فمن منا لا يأتي الشر، وقد ورد في الحديث: “لو لم تذنبوا لأتى الله بأقوام غيركم، فيذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم”.

إنك حين تدعو إلى الله تنال ثوابا، وحين تجلس مع الصالحين تنال ثوابا، بل الدعوة من أهم الوسائل التي تدفع المسلم إلى أن يلتزم شرع الله، فإن كنت في الدعوة فابق فيها، مهما كانت ذنوبك، وجاهد نفسك لأنك في الدعوة أن تلتزم ما تدعو الناس إليه.

أما أن تطيع الشيطان في وسوسته، فتبقى في النظر وتترك الخير، فقد هزمك الشيطان، وأخرجك خاسرا من الميدان، فقم واستنهض نفسك، والزم باب الله تعالى دائما، وابق في دعوة الله تعالى، فهي حصن لك من المعاصي.

وأنت قد أخذت خطوة عملية في التفكير في الزواج، كما أن النظر يحتاج إلى نوع من المجاهدة، فماذا يأخذ المرء من النظر؟

ويمكن أن تشغل بالك بالنظر إلى السماوات والأرض والشجر والزرع والماء وغيرها من مخلوقات الله تعالى، وأن تشغل وقتك بطاعة الله تعالى وسط إخوان لك طائعين، فإن الخير والشر يتصارعان في نفس الإنسان، ففي الوقت الذي يوسوس فيه الشيطان للإنسان، يوكل الله تعالى له ملكين يحببان إليه الخير، وعلى المرء أن يختار.

كما أنه يجب أن تدرك أن كيد الشيطان ضعيف، كما قال تعالى: {إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَـٰنِ كَانَ ضَعِيفًا}، وكما ندرك في حياة الناس أن أي مرض له علاج إلا الموت، فإن المعاصي أمراض، ولها علاج يجب أن يأخذ به الإنسان، ولا يضع الإنسان في ذهنه أنه لن يستطيع أن يتخلص منه، بل هو قادر بعون الله تعالى أن يغض بصره، حتى يجد حلاوة الإيمان في قلبه، والتي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه: “النظرة سهم مسموم من سهام إبليس من تركها مخافة الله، أبدله الله إيمانا يجد حلاوته في قلبه”، كما داوم النظر إلى كتاب الله تعالى فإنه شفاء للقلوب، وما النظرة إلا مرض قلبي، وحاول أن تبتعد عن كل ما يدفعك إلى هذه المعصية، من البعد المكاني وأن تغير من حياتك وأن تنهض مرة أخرى داعية إلى الله، آخذ بيد الناس إلى ربهم، فإنك ستجد نفسك قد حفظت نفسك، وتصنع كالتي تغسل الثياب، فإنها تغسل الثياب ومع هذا تغسل يدها.

واستعن بالله تعالى، وابك له أن يحفظك من هذا الشر، فإن الله تعالى يستجيب دعوة الداعي إذا دعاه.

وقد قال تعالى: “ورحمتي وسعت كل شيء” وأنت شيء من خلق الله، فستسعك رحمته إن شاء الله، ولا تتأخر، فالدعوة في حاجة إليك.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى