استشاراتالدعوة

مسلم جديد والعيش مع الأم الكارهة للإسلام

  • السؤال:
الأخوة المستشارين الأفاضل/ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسأل الله أن تكونوا بخير.

قبل شهر بالتمام اعتنق الأسلام بفضل الله شاب فرنسي يبلغ من العمر 19 عاما وذلك أثناء زيارته لنا في ألمانيا وقد زارني بالأمس وبسطت له هذا الدين وحببته فيه، وبعد يومين سوف يعود إلى فرنسا حيث يقيم مع والدته التي لن تتقبل بحال دينه الجديد (الإسلام)، وهو في هذه المرحلة ليس له إلا أن يقيم معها حيث تنفق عليه، والأسئلة التي نود معرفة رأيكم حولها هي:
1. ما هو الأسلوب الأفضل للتعامل مع الأم؟
2. كيف له أن يعيش معها وهي تتناول الخنزير وتشرب الخمر؟
3. كيف له أن يزاول صلاته وقد أخبرني بصعوبة الأمر، هل إلى سبيل للجمع مثلا في هذه المرحلة؟
4. نحن الآن في رجب وبعد قليل يدركنا رمضان بإذن الله فهل من وصية بهذا الشأن؟

بارك الله فيكم وجزاكم خير الجزاء

سؤال آخر هو في الحقيقة من زوجتي/ نستأجر هنا مسجدا تلتقي فيه النساء يوم الأحد يتعلمن فيه أمور الدين والحياة، فهل للمرأة الحائض حضور اللقاء والأستماع فقط ولها أن تتنحى جانبا في غرفة مجاورة عند الصلاة؟

 

  • الجواب:

الأخ الفاضل:
بداية، أسأل الله تعالى أن يجزيك خيرا على اهتمامك بدعوة غيرك، وحرصك على شئون دينهم، وجعل الله تعالى ذلك في ميزان حسناتك.

أما فيما يخص الأسئلة التي أوردتها في رسالتك، فنقول وبالله التوفيق:

 

  • 1- علاقة المسلم بأمه غير المسلمة هي البر والإحسان،

فالإسلام يأمر أتباعه أن يبروا آباءهم لذات الأبوة، لا لذات الدين، وإن كان الدين هو المحرك لهذا الفعل، وقد فهم بعض الصحابة في بداية الدعوة أن الإنسان يجب أن ينقطع عن والديه الكافرين، ولا يصلهما، فكانت أم أسماء بنت أبي بكر مشركة، فطلبت الأم الوصل بينها وبين ابنتها، بحكم فطرتها من الأمومة التي زرعها الله تعالى في نفسها، فخشيت أسماء أن يكون الوصل منافيا للدين، فاستشارات الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم ” صلي أمك يا أسماء”، فالإسلام لم يأت لينفي الروابط الاجتماعية بين الناس، بل حافظ عليها، مع خلاف العقيدة، وربما كان هذا الوصل سبيلا للدعوة، فالمطلوب من هذا الأخ فيما يخص أمه أن يحسن معاملتها، وأن يبرها، وأن يطبق منهج الإسلام في البر بالوالدين، والذي جعله الله تعالى فريضة بعد الإيمان به، وأن ترى أمه منه تغيرا حقيقيا، وقربا أكثر، فإذا سنحت الفرصة، أخبرها أن هذا من تعاليم الإسلام الذي اعتنقه، وأقصد أنه سيكون هناك وقت مناسب للإخبار، وأنه لن يبقى طول عمره مخفيا إسلامه.

 

  • 2- أما كونها تشرب الخمر وتأكل الخنزير،

فإن الإسلام لا يجبر غير المسلم أن يلتزم بتعاليم الإسلام، وقد جعل الله تعالى الحرية والاقتناع من أهم ما يجب في دخول الدين، ونفي أن يجبر أحد على اعتناق شيء، قال تعالى: “لا إكراه في الدين”، و قال: “وهديناه النجدين”، وإن الإسلام لم يجعل على الناس إكراها لدخول الدين، فكيف نلزمهم بتعاليم الدين الذي لم يدخلوه؟ فليدعها تشرب الخمر، وتأكل الخنزير، مع النصيحة الدائمة لها من الناحية العلمية، وأن يوضح لها ما لأكل الخنزير وشرب الخمر من ضرر على صحة الإسلام، وإن كان هو يشرب الخمر ويأكل الخنزير سابقا، فله أن يتحجج بأي شيء، فالناس في الأكل والشرب تختلف أمزجتهم، وربما أحب الإنسان شيئا، وكرهه بعد فترة، وبعيدا عن المعتقد، فلا يجبر إنسان على أكل شيء أو شرب آخر، فهذه من الأمور الاختيارية في مساحة المباح، وأحسب أنه من اليسير عليه ألا يشرب خمرا أو يأكل خنزيرا، ولو كانت أمه بخلافه، وأن هذا لا يهدم الكيان الاجتماعي للأسرة، بل نرى أن من الواجب عليه أن يكون خيرا رسول لأمه بأن ترى فيه الإسلام أخلاقا وسلوكا ومنهجا، وأن نوقن أن غير المسلمين ليسوا شرا كلهم، ففيهم من خير الفطرة التي فطرها الله تعالى في نفوسهم وقلوبهم ما يكون سبيلا لأن يهتدوا إليها: “كل مولود يولد على الفطرة”، كما جاء في الحديث.

 

  • 3- أما عن كيفية صلاته،

فله أن يصلي سرا دون إخبارها، ولا أحسب أن أمه تكون معه ليل نهار، فالشباب بطبعه يكون عنده أوقات يخلو بها بنفسه، أو مع أصحابه، أو يزاول عملا، أو يجلس وحده يشاهد شيئا، يجب أن يكون طبيعيا، فكل إنسان لا يلازم أمه في كل الأوقات، ومن رحمة الإسلام أن جعل للصلاة وقتا واسعا، فالصبح وقته من الفجر حتى طلوع الشمس، والظهر من الظهر حتى العصر، والعصر من وقته حتى المغرب، والمغرب من وقته حتى العشاء، والعشاء من وقتها حتى منتصف الليل، أو حتى الفجر حسب ما قال الفقهاء في هذا، يعني أن عنده فسحة في أداء الصلاة، ولا يجعل الجمع بين الصلوات إلا لضرورة قاهرة، ففي أداء الصلاة في وقتها متسع.

 

  • 4- أما فيما يخص رمضان،

فأحسب أيضا أنه من اليسير عليه أن يصوم، وله ألا يفطر ويخرج ويعود متأخرا، ولا يأكل إلا بعد أذان المغرب، والنصيحة العامة له أن يمارس حياته دون أن يجعل نفسه في إطار الخوف، فيمكن له أن يفعل كل هذا دون هاجس أن ينكشف أمره، ولو انكشف، لكان واجبا عليه أن يواجه أمه بالحقيقة، وأن دينه الذي اعتنقه ما يمنعه عن شيء من البر والإحسان لأمه ولأهله، بل الدين يجعل هذا جزءا من تعاليمه. كما أن عليه أن يحاول أن يتصل بأي مركز إسلامي في بلده، حتى يقترب من إخوانه المسلمين، ويرى روح العبادة في المسجد، ويستمع إلى دروس العلم، ويحيا الحياة الروحية التي تكتسب في رمضان، وربما ساعده إخوانه في المركز الإسلامي على طريقة لإشهار إسلامه،لأنه لن يبقى طول عمره مخفيا إسلامه، وما أسلم ليخفي إسلامه، بل الواجب عليه أن يسعى لإعلانه،حتى يمكن له أن يدعو الناس إليه، بعد أن يوثق عراه به.

 

  • 5- أما فيما يخص حضور الدروس في المساجد للنساء،

فهو من الأمور الدعوية الطيبة، والتي تترك أثرا كبيرا في نفوسهم، وخاصة أن النساء لا يجدن في البيت ما يمكن لهن أن يتعلمن أمور دينهن، فكان المسجد، وخاصة في الدول الغربية هو المكان الرئيس للمسلمين، الذي يجب أن يلتفوا حوله، وأن يتلاقوا فيه، وأن يكون جامعتهم الدينية، وبيت عائلتهم، وحصنهم الاجتماعي، ولا بأس إن كانت النساء في غرفة مجاورة للمسجد يستمعن فيها الدروس إن شاء الله تعالى.

وفقك الله تعالى في دينك ودنياك، وتقبل منك صالح العمل، ونرجو أن تتواصل معنا دائما، عبر الاستشارات الدعوية المباشرة، أو عبر صفحة الاستشارات الدعوية، ولا تنسنا من صالح دعائك.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى