- السؤال:
أعاني من عدم حصولي على رضا والدي فقط دون والدتي أحاول إرضاءه وهو يرفض أن أقترب منه يبتعد أنه متحامل علي يحقد علي بشهادة المقربين من أهلي جميعا علما بأن علاقتي مع الله والجميع ممتازة جدا، ولكن مع والدي صعبة أنه لا يتكلم معي لا يتقبلني أريد رضاه، ولا أستطيع إلى ذلك سبيلا أنه يحقد ويرفض تقربي له علما أنني متزوج وأسكن بعيدا عنه أنا وعيالي؛ لأنه طردني من بيته يقول لا أطيقك هكذا هو متحامل علي. أرشدوني هل أنا عاق أم ماذا أريد رضا الله، أريد رضا الله ماذا أعمل، وضعت عنده مالا أمانة فأخذها وطردني هل يحاسب عليها أم ماذا؟ هل أنا عاق هكذا رغم ما أقوم به؟ إنه يتصور أنني أكرهه ولا أحبه لا يطيق مني كلمة يغفر لغيري ويسمح أما أنا فلا أنه قلعة حصينة أمامي يصدني ولا يرضى أنا خائف من الله أفيدوني جزاكم الله خيرا. |
- الجواب:
الأخ السائل:
من الجميل أن يبر الابن أباه مهما كان قاسيا عليه، ومهما أغلق دونه الباب فإنه دائم الطرق له، إنه يطرق قلب أبيه قبل أن يطرق بابه، لأن عظمة الإسلام هي التي دعت الأبناء أن يكونوا بارين بآبائهم، وما أجمل ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حين جاءته أسماء تخبره أن أمها – وكانت مشركة – تريد زيارتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: “صلي أمك يا أسماء”.
إن الإسلام دائم الحرص على تماسك الأسرة، وألا تخدش بأي شيء، ومع كون الأسرة أطرافا، فإنه إن جفا طرف، وجب على الآخر أن يوصل ما قطع غيره، ومن باب أولى أن يكون الابن هو الذي يقوم بهذا، لعموم الآيات الآمر بالبر والصلة حين قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَـٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنًۭا}.
والمطلوب من المسلم أن يبر والديه، والبر معناه حسن المعاملة، ولكن ما دام الوالد هو الذي يقسو على ولده، وولده ما يزال بارا به، فليس على الولد شيء، والله تعالى لا يكلف الإنسان فوق طاقته: {لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}، {لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَآ ءَاتَىٰهَا}.
فلا أحب أن تشعر بذنب أو إثم، ما لم تكن مخطئا، وفي ذات الوقت واجب عليك أن تستمر في حسن المعاملة لأبيك، وأن تسعى إلى الإصلاح بشتى الطرق، ويمكن أن تجعل بعض المقربين إليه يبوح لهم بالأسباب التي جعلته تنفر منك، فليس من الطبيعي أن ينفر الوالد من فلذة كبده، بل المشهود أن الوالد رحيم بولده، إلا إذا ما صدر منه شيء كبير، ويمكن لك أن تطلب من والدك الجلوس معه خارج المنزل، وأن تصارحه بكل شيء، وأن تسعى لأن يفتح لك قلبه للوقوف على حل لهذه المشكلة.
أما ما أخذ منك من مال كان أمانة، فهو بلا شك مخطئ، وأحسبه أنه آثم عند الله تعالى، ما لم يكن بحاجة إلى هذا المال، واستأذنك فيه، ولكن من البر أن تعفو عن أبيك، فكم دفع هو لك، وكم سعى ليوفر لك لقمة العيش، فسامحه فيما فعل، فأنت ومالك لأبيك.
ولكن لست عاقا بوالدك، بل إن صدقت فيما قلت هو العاق لك، فكما أن هناك عقوقا من الأبناء للآباء، فهناك عقوق من الآباء للأبناء.
وفقك الله تعالى لبر والديك، فهو طريق إلى جنة الله تعالى، فاحرص عليه، ولا تتركه، فربما كان هذا طريق نجاتك من عذاب الله.
- د. مسعود صبري