استشاراتالشبهات

إثبات محبة الله للرسول وتفضيله على خلقه

  • السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تحياتي لكم وبارك الله فيكم..
سؤالي يدور حول الإيمانيات في ديننا الإسلامي… لقد تعلمنا منذ الصغر في المدارس والحلقات القرآنية أن رسولنا محمد عليه الصلاة والسلام هو خاتم الأنبياء و”المرسلين”، ومنذ ذلك الحين لم يخطر لي ببال أن أتحقق من هذه المعلومة للفرضية التي لدينا نحن المسلمين بأن كل ما يقال لنا عن الدين الإسلامي هو حقائق أثبتها السلف الصالح.

وأنا أقرأ الكثير عما كتب عن رسولنا الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم وعن فضائله، ولكنني لا أستطيع في بعض الأحيان أن أجد لها ما يثبتها في كتاب الله القرآن.

سؤالي، هل من دليل على من يدعي لنبينا الكريم أنه حبيب الله وهي فضيلة له من بين الرسل كما لموسى وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام؟

البعض يقول: إن محمدا صلى الله عليه وسلم كان السبب لخلق السماوات والأرض.. هل هذا صحيح؟ وكيف نرد على هذا القول لو كان غير ذلك؟

وأخيرا، هل هناك دليل قرآني يثبت أن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو خاتم المرسلين؟ حيث إنني أعلم أن الله أنزل في قرآنه أنه خاتم الأنبياء ولو أراد لزاد المرسلين، ولكن الله عز وجل لم يفعل!

أجيبونا على هذه التساؤلات جزاكم الله كل الخير..

 

  • الجواب:

شكرا لصاحب السؤال أن أباح بما في نفسه، ونحن نؤكد دائما أن المسلم إن وجد في نفسه شيئا سارع إلى أن يسأل أهل الشأن حتى لا يبقى في نفسه شيء، وليس عندنا في دين الله تعالى ما نخفيه، فإن أجل التفاصيل نجدها في ديننا، وهو مما امتاز به الإنسان، فقد سجل الله تعالى في دستوره وكلامه أحداثا خاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم، كخلافه مع زوجاته وإيلائه منهن، وعتاب الله تعالى له مع ابن أم مكتوم، وتصحيح الله له الموقف من الأسرى وغيرها؛ لأن رسولنا صلى الله عليه وسلم بشر، لكنه يوحى إليه، وقد رزقه الله تعالى العصمة فيما يبلغ عن الله تعالى دون ما يكون من بشريته، مع كونه صلى الله عليه وسلم أكمل البشر، لكنه بشر.

 

  • أما عن الأسئلة أو الشبهات الواردة في السؤال، فالإجابة عليها بإذن الله كما يلي:

–    كون النبي صلى الله عليه وسلم حبيب الله، فهذا مما لا شك فيه بداهة، فمن اصطفاه الله تعالى لرسالته وجعل رسالته هي آخر كلمة الله لأهل الأرض، وما حباه الله تعالى من نعم لم تكن لأحد من البشر، أليس كل ذلك دليلا على حب الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم.

غير أن هذا الحب ليس خاصا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فالله تعالى أحب كل أنبيائه ورسله، وأحب كل عباده الصالحين، وإن كنا نحسب أن حب الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أعلى قدرا من حبه لغيره، لكنه ليس محصورا لنبينا صلى الله عليه وسلم.

–    أما كون النبي صلى الله عليه وسلم كان السبب في خلق السماوات والأرض، فهذا مما نحسبه مما أدخل في شرعنا، فإن الله تعالى لم يخلق الأرض لأجل إنسان، وإن كان هناك من البشر من لهم مكانة خاصة عند الله تعالى، غير أن هذا الشخص مأمور بطاعة الله تعالى كغيره من البشر، وقد كان أصدق الخلق لله وأعبدهم له، ولكن الله تعالى خلقنا من باب الاختبار والابتلاء: {ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلْمَوْتَ وَٱلْحَيَوٰةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ  أَحْسَنُ عَمَلًۭا ۚ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفُورُ}.

–     أما عن الدليل من القرآن الذي يثبت أن محمدا صلى الله عليه وسلم خاتم المرسلين، مع كونه خاتم الأنبياء، فمن قوله تعالى: “هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله”، كما أن السنة النبوية تبين هذا أيضا، وقد ورد ذلك في كثير من الأحاديث، منها قوله صلى الله عليه وسلم: “كان النبي يبعث على قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة”، والنبي أعم من الرسول، فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا.

وحديث: “إن مثلي ومثل الأنبياء قبلي، كمثل رجل بنى بنيانًا فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون لـه، ويقولون: هلا وضعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين.” رواه البخاري ومسلم.

وفي حديث حسنه السيوطي: “أنا قائد المرسلين ولا فخر، وأنا خاتم النبيين ولا فخر، وأنا أول شافع ومشفع ولا فخر”.

وفي حديث لابن مسعود: “قولوا اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين، وخاتم النبيين عبدك ورسولك إمام الخير وقائد الخير وإمام الرحمة اللهم ابعثه المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون”.

وفي حديث أم كرز والذي أخرجه ابن النجار: “أنا سيد المرسلين إذا بعثوا، وسابقهم إذا وردوا، ومبشرهم إذا أيسوا، وإمامهم إذا سجدوا، وأقربهم مجلسا إذا اجتمعوا، أتكلم فيصدقني، وأشفع فيشفعني، وأسأل فيعطيني”.

وفي حديث الطبراني عن جابر: “أنا محمد وأنا أحمد وأنا الحاشر الذي أحشر الناس على قدمي وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، فإذا كان يوم القيامة كان لواء الحمد معي وكنت إمام المرسلين وصاحب شفاعتهم”.

ومن المعلوم لكل مسلم أن السنة صنو القرآن، لقوله صلى الله عليه وسلم: “ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه”، وقد قال تعالى: {وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُوا۟}.

فمن آمن بالقرآن، ولم يؤمن بصحيح السنة، فليس بمسلم.

 

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى