استشاراتالشبهات

طلاق الرسول لبعض زوجاته

  • السؤال:
بعد التحية والسلام، لي بعض الأسئلة المستعجلة.

أولا: الذي يقرأ سيرة الرسول الأكرم يجد أنه طلق بعض زوجاته، ولا أدري هل كان ذلك لخلافات داخل أهل البيت أو لحكمة يعلمها الله؛ لأنه لا يعقل أن نساء النبي على ورعهن يعصين الله ورسوله وقد أمر الله المسلمين جميعا بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.. فكيف يمكن للداعية أن يفسر هذا الخلاف أو الطلاق للمسلمين؟

 

  • الجواب:

الأخ الفاضل، لم ينقل التاريخ تفاصيل حياة نبي، كما نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فلذا نجد كثيرا من خصوصيات حياته معلومة عن طريق القطع واليقين الذي لا شك فيه. فنرى خلافاته مع زوجاته منصوصة عليها في دستور الإسلام، ونرى عتاب الله تعالى له في القرآن، وغير ذلك من المواقف التي قد يستغربها بعض الناس عن القدوة والأسوة.

والحقيقة أن تفسير طلاق النبي لحفصة رضي الله عنها والخلافات الزوجية الواردة في الكتاب والسنة وكتب السيرة وغير ذلك من الأحداث الاجتماعية فيها دلالة على بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنه يمكن للمسلمين الاقتداء به، فلو كانت صورة الرسول صلى الله عليه وسلم ملائكية لكان من الصعب الاقتداء به، ولخرجت الدعاوى كيف نقتدي بالرسول؛ ولذا جاء على لسانه صلى الله عليه وسلم في القرآن: {قُلْ سُبْحَانَ رَبِّى هَلْ كُنتُ إِلَّا بَشَرًۭا رَّسُولًۭا}.

إن تطليق الرسول زوجته فيه تعليم للمسلمين من ناحية، حتى يعرفوا فقه الطلاق، وفيه أيضا إلماح لبشريته صلى الله عليه وسلم حتى يشعر الناس أن الله تعالى أرسل لهم واحدا منهم، وليس من كوكب آخر، أو جنس غير جنسهم: {وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ  إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِۦ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ}، فكان ماحدث من الطلاق نوعا من التبيين.

كما أنه صلى الله عليه وسلم قد راجع حفصة، وقد ورد في السيرة أنه طلق امرأة لم يبن بها، لما رأى منها من عدم صلاحيتها لأن تكون زوجة للرسول، حيث استعاذت بالله من الرسول كما جاء في الرواية، فأمرها أن تلحق بأهلها.

وكل هذا أمور حياتية تختص بالجانب الاجتماعي من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي يجوز فيه للرسول أن يقدر بعض الأمور، ويجانبه اتخاذ الموقف الأصوب، أو أنه اختار الأصوب فيما يخص دنياه.

أما فيما يخص الدين، فهو معصوم بعصمة الله تعالى؛ لأنه كما قال عنه سبحانه: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰٓ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌۭ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُۥ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ}، وقوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَـٰفِظُونَ}، فقد حفظ الله تعالى نبيه فيما يخص الدين، أما في أمور الدنيا فقد الرسول نموذجا للبشر على أكمل وجه ليكون قدوة للعالمين، وهو القائل في حادثة تأبير النخل: “أنتم أعلم بشئون دنياكم” فقد كانت وظيفته الأولى الدعوة والرسالة، ولم تنف هذه الوظيفة عنه صفة الإنسانية صلى الله عليه وسلم.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى