- السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هل الأحلام في فترة الظهيرة أو بالتحديد بين العصر والمغرب هي حلم له معنى أو كابوس وأضغاث أحلام ووساوس شيطانية والعياذ بالله. لي أخ في الإسلام حلم بشيء ظاهره خير له ولكن في باطنه سيرده إلى المعصية مرة أخرى.. هو يسأل هل الحلم في هذه الفترة يتحققح لأنه عنده اعتقاد أن الأحلام في الفجر هي التي تتحقق والله أعلم؛ فهو خائف أن يتحقق ويرجع إلى المعصية مرة أخرى. والسؤال: كيف يقي نفسه من هذه الوساوس ولا يعود إلى المعصية مرة أخرى؟ ونرجو الدعاء له بالهداية. |
- الجواب:
الأخت الفاضلة، من الجميل أن تهتم الأخت بأخيها فيما يخص أمور دينه، وأن تكون حريصة على علاقته بالله، وأن تسأل له، ونحن ندعو كل أخواتنا أن يسرن على ما سرت عليه، فجزاك الله تعالى خيرا.
أما عن سؤالك فالأحلام في الإسلام ثلاثة أنواع، إما أن تكون رؤيا من الله تعالى، أو حلما من الشيطان، أو حديث نفس، ويجب ألا تأخذ الأحلام حيزا كبيرا في حياتنا ويكون لها أثر في علاقتنا بالله تعالى فتجعلنا نرجع إلى المعصية بعد أن عافانا الله تعالى منها.
ثم إن علاقة الإنسان بربه يجب أن تأخذ الشكل الذي أوضحه الإسلام، من كون كل منا عبد لله تعالى، يجب عليه أن يطيع الله تعالى، وليس هناك حواجز في الإسلام تمنع الإنسان من أن يقوم بأداء وظيفته ورسالته في الدنيا من العبادة لله تعالى وتوحيده.
ولكن على الإنسان أن يعلم أن الشيطان لن يتركه، وأنه يسعى دائما أن يجره إلى المعصية، إما بطريق تزيين المعاصي، أو الوسوسة، حتى يحدث في نفسه ارتباكا، وخاصة في علاقته مع الله تعالى، والمسلم الحصيف الذي يدرك مداخل عدوه له، فقد أخبر الله تعالى أن كيد الشيطان ضئيل، من اليسير أن يتغلب عليه الإنسان، قال تعالى: {إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَـٰنِ كَانَ ضَعِيفًا}.
وهذا يعني أن المسلم يجب أن يكون مدركا لطبيعة عدوه أنه ضعيف، وأن وساوسه لن ترقى أن تكون حائلا بينه وبين خالقه، من هذا الشيطان الذي لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا، ولا يملك لنفسه موتا ولا حياة ولا نشورا، ومن هو حتى يوسوس لنا، إن وساوسه يجب أن تعود مع أدراج رياحه، وليذهب بها إلى الجحيم، ولنحقق العبودية لله تعالى.
وخير وسيلة للتغلب على الوسوسة الشيطانية هي ترك الوسوسة، وألا يدع لها مجالا في حياته، فلتكن دبر أذنه وتحت قدمه، وليوثق المسلم صلته بالله تعالى، وليجعلها متينة لا يكدرها صفو، ولا يعكرها كدر، وحين يصل المسلم إلى هذه الدرجة، وهي يسيرة إن شاء الله يكون قد استطاع طرد الشيطان من أهم جانب في حياته فيما يخص علاقته بالله تعالى.
إن المسلم صاحب روح وثابة، ونفس عالية، بل غلبته نفسه، عاد سريعا إلى الله قائلا له: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَىٰ} يعجل له في الطاعة، ويجعل له في التوبةح لأن التوبة من أحب الطاعات إلى الله؛ فحاولي أن ترفعي من روح أخيك، وأن توقظي فيه الإيمان وحسن الصلة بالله، وقد يكون هذا من كلمات تقولينها له، أو كتاب يقرؤه، أو شريط يسمعه، أو برنامج طيب يتابعه.
وفي كثير من الأحيان يقوقع الإنسان نفسه في دائرة ضيقة، وربما كان علاجه أن يخرج نفسه منها، بمجرد أن ينوي أن يخرج نفسه من الحزن أو الوسوسة أو غيرهما، وحاولي أن تخرجي منابت الخير في أخيك، وأن تغرسي فيه الثقة في نفسه، وأن كل الدنيا لن تستطيع أن تزلزل حسن صلته بالله، وأنه ما دام ينوي طاعة الله فإن الله تعالى سيوفقه إليها دائما، وأنه سبحانه سيأخذ بيده إليه دائما، فمن الذي طرق بابه فرده؟!! ومن الذي سأله فمنعه؟!! سبحانه هو صاحب الجود والكرم.
فما رأى أخوك لا قيمة له، وليكن كما هو على طريق الله تعالى، وإن الله تعالى لا يضل عباده، بل يدعوهم دائما إلى طاعته، فكيف يرى في منامه من الله ما يبعده عنه، حاشا لله!!
ثبتك الله تعالى أخاك على الحق والإيمان، وثبتنا معه على ذلك، وجزاك الله تعالى خيرا في الدنيا.
- د. مسعود صبري