- السؤال:
السلام عليكم جيمعا.. أولا جزاك الله خير يا شيخ خير الجزاء على ما تبذله لخدمة الاسلام والمسلمين. وثانيا سؤالي هو يا فضيلة الشيخ: أنني أعاني من الودنيه ودائم ما أرى نفسي أقل من الاخرين ودائم المقارنه بيني وبين الاخرين.. برغم أني ولله الحمد انسان ناجح في عملي ومحافظ على صلواتي وعلاقتي ممتازه جدا مع الاخرين وأيظا أحس بقرب شديد من الله سبحانه وتعالى ولساني رطب بذكر الله دائما ولله الحمد.. ولكني أريد أن أعيش مرتاح مع نفسي لانني بصراحه أكره نفسي ولا أعلم لماذا. أرجو أن يكون سؤالي واضحا ولكم جزيل الشكر والاحترام. |
- الجواب:
أخي الفاضل حفظك الله..
لابد أن تساءل نفسك لماذا تشعر بالدونية دون غيرك، وأن الناس دائما هم أعلى منك، وقد وهبك الله تعالى من نعمه الكثيرة التي لا تعد ولا تحصى، وهب الناس إسلاما وإيمانا، ووهبك إسلاما وإيمانا، وهب الناس تفوقا في الحياة، ووهبك تفوقا في الحياة، وهب الناس مالا، ووهبك مالا، وهب الناس نجاحا، ووهبك نجاحا، فلماذا تشعر بالدونية إذن؟
بل لو قارنت نفسك لوجد أن عندك ليس عند كثير من الناس، وعند بعض الناس ما ليس عندك، وهذه يا أخي طبيعة الحياة، وتقسيم الله تعالى لعطايا وهبات خلقه متنوعة، فقد يعطي هذا شيئا ويحرم منه آخرين، ويعطي المحروم شيئا غير ما عندك الموهوب، “ولا يظلم ربك أحدا”.
ولكنك تحتاج إلى نوع من الرضا عن الله، نعم، كيف لا ترضى عن الله وقد وهبك من آلائه ونعمه الكثيرة، وبعد الرضا واجب عليك الشكر.
أنصحك أن تجلس مع نفسك، و أن تمسك ورقة وقلما، واكتب كل نعم الله تعالى عليك، حاول أن تعدها عدا، وانظر كم هي كثيرة وعظيمة، وانظر كم من الناس ليس عندهم ما عندك، ستدرك ساعتها فضل الله عليك، {وَكَانَ فَضْلُ ٱللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًۭا}.
وهناك شيء مهم جدا، وهو أن الله تعالى رزقك الالتزام بدينه، وبحسن الخلق، وهذه أهم نعمة من نعم الله تعالى عليك، وذلك دليل محبة الله لك، وكما قيل: إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الدين إلا لمن أحب.
فأعظم نعمة الله فيك، واحمده عليها حمدا كثيرا عليه، حتى يزيدك من نعمه، كما قال تعالى ”لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِى لَشَدِيدٌۭ”.
ومن علامات الإيمان الصادق أن تحب لإخوانك ما تحب لنفسك، كما جاء في الحديث: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه.”، فإذا رأيت نعمة لأخيك، فهي من الله، لأخيك، فكيف تجد في نفسك من نعم الله على خلقه، وأنت من خلقه، وما حرمك، بل أعطاك، بل اعلم أن كل شيء تحرم منه، فإنه عطاء من الله، فإذا حرمك، فإنه أعطاك، لأن الله تعالى لا يحرم العبد إلا ما فيه ضرر عليه، وليس كل ما تراه نعمة لغيرك هو نعمة لك، ربما كان نقمة، ألا ترى أن الزوجة قد تسعد مع زوج ولا تسعد مع آخر، أو الرجل يسعد مع امرأة ولا تسعد مع آخر، أو أن الشيء قد يكون نعمة لإنسان، وقد يكون نقمة لآخر.
وما أحسن ما جاء في الحديث القدسي الذي يرفعه عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى:” أتانى جبريل فقال يا محمد ربك يقرأ عليك السلام ويقول: إن من عبادى من لا يصلح إيمانه إلا بالغنى ولو أفقرته لكفر، وإن من عبادى من لا يصلح إيمانه إلا بالفقر ولو أغنيته لكفر، وإن من عبادى من لا يصلح إيمانه إلا بالسقم ولو أصححته لكفر، وإن من عبادى من لا يصلح إيمانه إلا بالصحة ولو أسقمته لكفر، إني أدبر أمر عبادي بعلمي، إني عليم خبير.
ومن أسماء الله تعالى أنه الحكيم، فهو الذي يدبر أمر العباد بعلمه، فارض بما قسم الله لك، تكن أغنى الناس.
- د. مسعود صبري