استشاراتالشبهات

هل المسجد بوابة مشاكل؟

  • السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فضيلة الداعية.. 

أردت أن أتوجه إلى حضرتكم بسؤال كثيرا ما ألح علي في الفترة السابقة وهو في ظل الأحداث الأخيرة التي حدثت في بلادنا من انفجارات وغيرها مما أدى إلى الكثير من الآثار السيئة في نفوس الناس بحيث أنك عندما تبدأ الآن في الدعوة إلى الله وإلى المساجد تجد من يخرج عليك بحجج كثيرة منها ((يا عم مش عايزيين مشاكل)) وكأن المسجد هو بوابة المشاكل كما أن بعض أولياء الأمور يقف لأبنائه بالمرصاد إن وجده يعتاد المساجد أو يلبي دعوة لحضور درس أو عقد قران أو غيرها من الأنشطة التي لا يختلف عليها اثنان.

 

  • الجواب:

الأخ الفاضل، حفظك الله..

أحس بما تحس به من بعد كثير من الناس عند الحق، فالناس أضحت تحب الحق بشرط عدم الابتلاء والفتنة، متناسين قول الله تعالى: {الٓمٓ * أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوٓا۟ أَن يَقُولُوٓا۟ ءَامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُوا۟ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَـٰذِبِينَ}.

ولكن يا أخي هذا قدرنا، فإن التأثير في مجتمعاتنا جاء عبر عشرات بل مئات السنين، وهذه طبيعة الصراع بين الحق والباطل، مسلمون بلا التزام، والتزام بلا إسلام.

وأضحى كثير من الناس بالنسبة للإسلام بين إفراط وتفريط، وكلاهما إلى زوال، لمخالفتها قواعد القرآن ومبادئه {وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَـٰكُمْ أُمَّةًۭ وَسَطًۭا}، فمثل هذه التفجيرات التي تحدث من حين لآخر لا طائل من ورائها، إلا وهما في رءوس فاعليها، فماذا يعني تفجير شخص نفسه، حتى يجرح نفرا قليلا ممن دخلوا بلادنا بعهد وذمة، وإن كانوا على غير ملة الإسلام؟

إننا يجب أن نفكر بعقولنا التي خلقها الله تعالى لنا، وأن ننظر القواعد العامة للإسلام من الحفاظ على النفس البشرية، وأنها نفس محترمة، وأن الخلاف العقدي، وإن أدى إلى الكره، لكنه لا يؤدي إلى الاعتداء، فالله سطر في كتابه قاعدة: “لا إكراه في الدين”، وأن نتعلم من التاريخ والواقع، أن الصدام لا يجدي إلى في وقته وزمانه، دفاعا عن الأرض والعرض، وحماية للشريعة، وردا للعدوان، أما الخبط العشوائي فلا يجدي شيئا.

غير أننا لا ندري ما علاقة التخريب بالمساجد؟ إن الأمان يكون في بيت الله تعالى، ويجب على الدعاة أن يعلموا الناس أن بيت الله تعالى يعلم الأمن والأمان، وقد قال الله تعالى عن بيته الحرام {ومن دخله كان آمنا}، إن من يقول هذا هم الذين لا يدخلون المساجد، إنهم لا يعرفونها، بل يقرءون ما يكتبه العلمانيون والمعادون للإسلام، فيصفون أن تربية المساجد تخرج الإرهابيين، ولكنهم ما نظروا أن تربية المساجد تخرج الدعاة والعلماء في جميع التخصصات.

وهل تخرج علماء الأزهر إلا من المساجد؟
وهل تخرج علماء مكة والمدينة وغيرهما إلا من المساجد؟

إن أكثر الناس اعتدالا في القول، ووسطية في الفكر، وتفهما للواقع هم أبناء المساجد، وإن لم يكن أبناء المسلمين يتخرجون من مساجدهم، أيتخرجون من أماكن اللهو والعبث؟؟ أم يتخرجون من السينما والمسارح التي تقدم العبث؟!

إننا يجب ألا نفرط في تفكيرنا، وأن نتعامل بالدين والعقل مع مشاكل حياتنا، وأن نفهم آباءنا خطأ ما يعتقدون، وأن نأخذهم إلى هذا المكان “البعبع” الذي يخافون منهم، ليروا بأعينهم، لأن مذهب العقلاء يقول: لا يمكن الحكم على شيء موجود في الحياة، قريب منا أن نحكم عليه بلا رؤية أو دخول.

فمن أراد أن يغير من آبائه تجاه المساجد فليصحب هذا الوالد إلى بيت الله تعالى ليرى بعينه، فربما كانت الرؤية والواقع تغير شيئا إن لم يكن هناك تعصب ممقوت.

 

  • وأنا أنصح الشباب بأمرين:

1- أن نتعامل بالحسنى مع آبائنا في الأمور كلها، فمهما أخطأ الوالد، فهو الوالد {وَوَصَّيْنَا ٱلْإِنسَـٰنَ بِوَٰلِدَيْهِ حُسْنًۭا}.

2- الأمر الثاني ألا يطيع الأبناء آباءهم في مثل هذه الأمور، فإنه لا طاعة في المعصية، فليذهبوا إلى المساجد، وليدافعوا عن قضيتهم بالحكمة والموعظة الحسنة.

إن واقع الناس يقول: إن من يحب الذهاب إلى أماكن العبث والمعصية ما يجد مشكلة مع أبويه، وإن كانا رافضين، فلماذا يكون أهل الصلاح غير قادرين على التمسك بالتزامهم مع ربهم سبحانه وتعالى؟ لماذا لا يمارسون حياتهم كما يمارسها كل مقتنع بفكرته.

إن الله تعالى ما جعل الآباء سيفا مسلطا على الأبناء، وإن المرء إذا وصل سن البلوغ كان محاسبا على عمله أمام الله تعالى، ما ينفعه والد ولا أم {يوم لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئا}.

فكل إنسان محاسب وحده، مع الحفاظ على البر بالوالدين، ومن جميل ما قاله القرآن أنه أمر بالبر، ولم يأمر بالطاعة في كل شيء.

فلنسر بجناحين: الحفاظ على بر الوالدين، والحفاظ على ديننا، وسلوك الطريق التي توصلنا إلى الله تعالى، وأن نسعى إلى دعوة هؤلاء الآباء إلى ما يحب الله تعالى.

وفقنا الله تعالى لما يحب ويرضى..

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى