استشاراتتقوية الإيمان

العودة للذنوب

  • السؤال:
إني ملتزم وأجتهد في عبادتي، ولكن هناك بعض الذنوب كلما أقلعت عنها أعود ما النصيحة؟

 

  • الجواب:

الأخ الفاضل:

إن الله تعالى دعانا إلى أن نكون ماهرين متقنين لأعمالنا، فقال صلى الله عليه وسلم: “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”، وهذا الإتقان وتلك المهارة يفهمها كثير من الناس على أنها في أمور الدنيا، ولكن العمل هنا جاء نكرة ليفيد عموم الأعمال في الدنيا والآخرة.

وهذا يعني أن يكون المسلم حذرا في سيره في طريق الله تعالى، أو ما عبر عنه الحكيم:

واصنع كماش فوق أر *** ض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقرن صغيرة *** إن الجبال من الحصى

وتلك المهارة تعني أن يدرك الإنسان نفسه جيدا، وأن يعرف الذنوب التي يقع فيها، وأن يدرك أسبابها، وأن يمكث مع نفسه ليقف على هذه الأسباب، فكثير من الذنوب التي يقع فيها الإنسان مردها إلى بعض التفسيرات النفسية، وهو ما عرف قديما بالتربية الروحية، أو علم السلوك، وما كتبه الأئمة الكبار كابن تيمية وابن القيم والإمام أبو حامد الغزالي، وكثير من أهل التصوف الحق، كالجنيد وإبراهيم بن أدهم وغيرهما من أئمة السلوك.

إن معرفة الدافع وراء السلوك الإنساني هو أول طريق للتصحيح، لماذا نفعل هذا؟ وما النتيجة منه؟ وما درجته في حياتنا، هل هو يسير فنتخلص منه أم أنه صعب يجب أن توضع له خطة مجاهدة؟ وكيف السبيل للتلخص؟ وما هي الوقائيات التي تحمي الإنسان من العودة إليه؟

واعلم أن الذنب الذي يتعوده الإنسان ويعود إليه أنه من نفسه، وأن هناك خللا ما في النفس يدفع إلى حاجة لها لمثل هذا الفعل وإن كان قبيحا، فيبحث المسلم عما يعود إليه من حاجة لهذا الفعل ولكن بطريق مباح، فمثلا إن كان ينظر للحرام، فطريقه الزواج، وإن كان يأكل من حرام، فطريقه السعي للعمل وأن يتكسب من حلال، وإن كان يشرب ما حرم الله، فسبيله أن يشرب مما أحل الله تعالى وهكذا.

ومن الواجب أن يكون المسلم دائما على توبة من الله تعالى، وألا ييأس من نفسه، ولا يجعل للشيطان عليه سبيلا؛ لأن يقنطه من رحمة الله تعالى، فهو سبحانه “يغفر الذنوب جميعا”.

ومن أخلاق التائبين أن المرء إذا عصى عاد إلى الله، فإن عاد للمعصية تاب إلى الله، فإن عاد إلى المعصية تاب إلى الله، وهكذا، ولا يمل الله تعالى حتى يمل العباد.

ومن ثمرات المداومة على التوبة أن ييأس الشيطان؛ لأن التوبة تجب ما قبلها، كما أنها تفتح بابا لحسن الصلة بالله تعالى، وأن التائب يكون أصدق لهجة في كثير من الأحيان من الطائعين، إذ التائب أصدق لهجة، وأحرص من غيره أن يتقبل الله تعالى توبته، وإن دموع التائبين لهي مما يحب الله تعالى ويفرحه، وهي في ذات الوقت مما يبكي الشيطان ويدحره، فدم على طاعة الله تعالى، واجلس مع نفسك وانظر معصية وكيف تتخلص منها.

وبالطبع لأن سؤالك عام، فلم نستطع أن نعطيك خطوات عملية أكثر وضوحا، وإن أرشدناك إلى الطريق.
نسأل الله تعالى أن يتوب علينا جميعا، إنه هو التواب الرحيم.

 

 

د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى