- السؤال:
السلام عليكم. عندي سؤال مهم جدا أنا أشتغل في أطيل كزينو وأنا ألعب ألعابا بهلوانية لما ألعب لا يوجد نساء عاريات، لكن المتفرجين يشربون الخمر وهذا المكان عبارة عن محاربين قدماء، ولكن نحن لا نتكلم معهم ولا نشرب الخمر أبدا وأريد أن تنصحوا بشيء نطبقه في حياتنا. أنا من أمريكا أسألك، وجزاكم الله عنا خير جزاء وسلام عليكم. |
- الجواب:
الأخ الفاضل:
شكر الله تعالى لك خوفك الدائم منه، وسعيك لأن تكون إنسانا صالحا لا تفعل شيئا يغضب الله تعالى، وهذه محمدة تحمد عليها، ونسأل الله تعالى أن يثبتك على الإيمان الصادق، اللهم آمين.
أخي الفاضل:
سؤالك فيه أكثر من شق لتناوله، وحسب ظني أن ذلك يتخلص فيما يلي:
1- العمل في كازينو.
2- القيام بأعمال بهلوانية
3- أن المشاهدين هم محاربون قدامى، ويشربون الخمر.
- ولأبدأ بالنقطة الأخيرة،
وهي أن المحاربين القدامى يشربون الخمر أثناء لعبك البهلوان، فهؤلاء في الأغلب غير مسلمين، ونحن لسنا ملزمين أن نجعل غير المسلمين يلتزمون أوامر الله تعالى، فليس بعد الكفر ذنب، والأصل أننا نعامل غير المسلمين معاملة حسنة كنوع من الدعوة إلى الله تعالى، وحتى هذا أنت بعيد عنه، لأنك تقوم بعمل وليس لك احتكاك مباشر بهم.
- الثاني: قيامك بعمل البهلوان،
فهذا من اختيارك أنت، فأنت الذي ذهبت وأنت الذي امتهنت هذه المهنة، والله تعالى لا يجبر الناس على أن يعملوا في العمل الفلاني، ولا المكان الفلاني، وإنما هي من مساحات الاختيار للإنسان، وعلى هذا، فما دام الإنسان هو الذي اختار، فعليه أن يتحمل تبعات اختياره، أن الله تعالى جعل للإنسان عقلا يفكر به، وجعل له اختيارا في كثير من الأمور التي تتعلق بحياته الشخصية، حتى الاعتقاد، جعله الله تعالى اختياريا “لا إكراه في الدين”، ولكنه أرشد الإنسان إلى أن يختاره ربا على أساس من الاقتناع والتسليم والإذعان له سبحانه. فأنت الذي أوقعت نفسك في هذا، وهذا اختيارك، ولو أن الإنسان بحث عن عمل آخر، وامتهن مهنة أخرى، لكان هذا أيضا اختيار الإنسان، ولك إن شئت أن تفعل هذا.
- الثالث: العمل في كازينو،
وأنا أتساءل: لماذا حين يذهب المسلمون في بلاد الغرب يكون أغلب مهنهم مهنا أقل من غيرهم، مع كون عقيدتنا تجعلنا نثق في رزق الله تعالى، كما قال سبحانه: {وَفِى ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ * فَوَرَبِّ ٱلسَّمَآءِ وَٱلْأَرْضِ إِنَّهُۥ لَحَقٌّۭ مِّثْلَ مَآ أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ}، وقال صلى الله عليه وسلم فيما ورد عنه “إن روح القدس نفث في روعي أن لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب.” اتقوا الله واطلبوا العمل الذي يرضي الله تعالى.
الناس يوقعون أنفسهم في مواطن الشبه والحرام، ثم يأتون ليتساءلوا هل هذا حلال أم حرام، ونسوا أنهم هم الذين أوقعوا أنفسهم، إننا يجب أن نفصل بين مساحات النشاط الإنساني باختيار الإنسان، وبين الأقدار الغالبة، وأن تكون العقيدة والثقة في الله تعالى محركا لنا في حياتنا، وفي اختيار نشاطنا وأعمالنا.
إن المسلم إنسان كبقية البشر، يتأثر بمن حوله، سلبا وإيجابا، فماذا نتوقع من إنسان يعمل في كازينو، كيف يكون إيمانه بالله تعالى؟ كيف تكون طاعته لربه؟ كيف يكون سلوكه وأخلاقه؟
إن قيامك بعملك أمام أناس يشربون الخمر لا ذنب لك فيه، ولكن انظر حياتك الإيمانية وعلاقتك بالله تعالى، وأن يكون عندك ثقة بالله أنه هو وحده الذي سيرزقك، لو عملت في أماكن الشبهات والحرام سيرزقك، ولو عملت في أماكن النفع والخير سيرزقك، ولك أنت الاختيار.
أنا لا أدعو أن تترك العمل الآن، ولكن أدعوك أن تفكر مرة بعد مرة، تأثير الجو الذي تعيش فيه على إيمانك وأخلاقك، وليس من الحكمة أن يغوص الإنسان في البحر إذا لم يكن يجيد العوم، لأن هذا يعني هلاكه، وأن هدفه لن يحققه، وأن الضرر محيط به من كل مكان.
أسأل الله تعالى أن يحفظ عليك دينك، وأن يجعله أحب عليك من كل شيء.
اللهم آمين، وتابعنا بأخبارك.
- د. مسعود صبري