- السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة. الحمد الله اريد العوات الصالحات لرزق ابنتي الوحيدة بالذريه الصالحة وهداية ابني وشفاء زوجي وهداية جميه ابناء المسلمين علمل والحمد لله صلاوتي ودعائي والحمدا لله تقربي من المولي عز وجل طوالي والحمدا لله اديت فريضة الحج فقط اريد مزيد من العلم في الدعاء الي العلي القدير. |
- الجواب:
الأخ الفاضل:
نسأل الله تعالى أن يرزق ابنتك الذرية الصالحة، وأن يهدي ابنك وأن يشفي زوجك وأن يهدي جميع أبناء المسلمين.
- أما عن الدعاء،
فإن طبيعته قائمة على الاستسلام لأمر الله تعالى، واعتراف الإنسان أن كل أمر يسير بقدره ووفق مشيئته، وأن الله تعالى هو صاحب القدرة المطلقة، وأنه على كل شيء قدير، وأن الإنسان لا يملك لنفسه شيئا إلا بإذن الله، ولهذا يتوجه الإنسان بالدعاء إلى الله، عسى أن يرزقه الخير في أمر دينه ودنياه.
ففي الدعاء يظهر تضرع المسلم إلى الله تعالى، وبه يحقق لونا من ألوان العبودية لله سبحانه وتعالى، كما أن فيه معنى الاستسلام لله، وهذا تمام الإسلام، كما قال الله عن إبراهيم عليه السلام: {إِذْ قَالَ لَهُۥ رَبُّهُۥٓ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ}.
وفي الدعاء تظهر الحاجة إلى كرم الله تعالى، و يظهر الإنسان الافتقار إلى الله، فيتقدم العبد الفقير إلى الله الغني بالطلب والحاجة، ومن عجيب الدعاء أن الله تعالى هو الذي طلب من الناس أن تدعوه حتى يستجيب لهم، مع أنه سبحانه هو الغني عنهم، كما قال تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}. ومن كرمه سبحانه أنه وعد السائل بالإجابة، “أدعوني؛ أستجب لكم”، فالله تعالى لا يرد أحدا، فهو يستجيب لكل الناس، مالم يكن الداعي يدعو بإثم أو قطيعة رحم.
- ولاستجابة ثلاث صور:
الأولى: أن يعجل الله تعالى للعبد ما يطلب.
الثانية: أن يرفع عنه بلاء كان سيقع عليه.
الثالثة: أن يدخر الله تعالى ثواب هذا الدعاء لعبده يوم القيامة، وهذه أفضل صور استجابة الدعاء.
ومن كرم الله تعالى أنه لم يجعل الدعاء حكرا على الصالحين، بل جعل باب الدعاء مفتوحا لعباده جميعا، الطائع والعاصي، المسلم والكافر، فحين دعا إبليس ربه استجاب له بأمره، مع كون أشر الخلق أجمعين.
ولهذا من من اللطائف الواردة عن الصالحين تنبيه الناس ألا يغرهم عصيانهم لله أن يمتنعوا عن السؤال، بل مهما كان الإنسان عاصيا، فلا يحرج أن يسأل مولاه، ولله المثل الأعلى: أرأيتم لو أن ولدا عاصيا لوالده لا يملك عملا ولا مالا، فمهما كان عاصيا، هل سيمتنع عن الطلب؟
وما أحسن ما عبر عنه الإمام يحيى بن معاذ – وهو أحد السلف الصالحين حين قال: لا يمنعنك ما تعلمه من نفسك أن تدعو، فقد استجاب الله تعالى لشر المخلوقين إبليس إذ {قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِىٓ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ}، فإن كان الله تعالى يستجيب لشر الخلق، فليس هناك إنسان على وجه الأرض أشر من إبليس عليه اللعنة، وهذا يعني أن باب الدعاء مفتوح دائما، ولعل حاجة الإنسان إلى الله، وتفضل الله تعالى على عبده يجعل يفكر مليا في كرم الله تعالى، وأن يعود إليه، فيكون الدعاء سببا في هدايته، وإن يدر، فهو يأخذ حاجته، ويرزق هدايته، وذلك فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
وحين نقف عند تعبير النبي صلى الله عليه وسلم حين يعبر عن خلاصة الدعاء فيقول: “الدعاء هو العبادة”، لأن أصل العبادة التوجه بالقلب والعقل والنفس لله، وهذا يحدث في الدعاء، وكما ورد: “الدعاء سلاح المؤمن”، لأنه يتسلح به من شر الناس، كما أنه سلاح يرد بعض ما قد يقع من البلاء، كما ورد أن القضاء والدعاء يعتلجان في السماء، فأيهما غلب نزل، وكما أن الدعاء يجلب النفع للإنسان، فهو سلاح نافع على كل حال.
وأفضل الدعاء ما يستشعر الإنسان فيه حاجته إلى الله تعالى بقلبه، وكم من عوام الناس يدعو دعاء ربما تغيب عنه بلاغة الكلمات، وسجع النهايات، ولكنه يخرق أبواب السماء يصعد لله تعالى دون حجاب، وكم من الكلمات المسجوعة لا ترتقي إلى السماء الدنيا، ولهذا قال أحد الصالحين: ادع بلسان الذلة والافتقار، لا بلسان الفصاحة والبيان.
- وتكلم العلماء عن أفضل الأوقات
كأن تكون قبل الفجر ووقت السحر وغيرهما وأفضل الأماكن مثل البيت الحرام والمسجد النبوي وغيرهما، غير أن أفضل من كل ذلك خشوع القلب وحسن التوجه إلى الله، فساعتها يضمن المرء استجابة دعائه، بتوجهه للكريم سبحانه، الذي ورد عنه في الحديث: “إن الله حيي كريم، يستحي أن يرفع العبد إليه يديه ثم يردهما صفرا خائبتين.”
ولا تنسنا من صالح دعائك.
- د. مسعود صبري