استشاراتالدعوة

أمي تكره العلماء والمفتين

  • السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، بارك الله فيكم..

وأرجو نصيحتكم في كيفية التعامل مع والدتي عمليا التي تكره العلماء والمفتين، مع العلم أنها تصلي وتصوم وتتصدق وتقوم الليل، ولكنها تحلل نزع الحجاب أمام المحارم والمصافحة والمكياج والاختلاط في الأعراس بالقاعات وعندما أقول لها هذا حرام تقول لي لا تتأثري بهؤلاء المفتين أنت صغيرة ومتأثرة بالدين.

وآخر نقاش بيننا كان على تحليلها شراء البيوت بقروض من البنوك بالربا على أساس أنها مضطرة بسبب ظروف العراق الحالية مع العلم أنها لديها بيت، ولكن مرهون ظلما بسبب الحكم السابق للدولة وعندما أقول لها العلماء تصرخ في وجهي وتقول أنا أعمل هذا لكي لا أجعل أطفالي عند الكبر عالة وثقلا على أحد فكيف أتعامل معها عملا وقولا دون أن أجرحها أو أغضبها وقال الله عز وجل {وقل لهما قولا كريما}..
وجزاكم الله ألف خير..

 

  • الجواب:

الأخت الفاضلة:
جزاك الله تعالى خيرا على حرصك على دينك، وأثابك بما يحب ويرضى..

من المهم جدا يا أختي حين نتحدث مع أحد لا يجعل ثوابت تفكيره الالتزام بآراء الفقهاء والمفتين أن نبدأ معه بتسليم ما يصح فيه التسليم، فقد تكون فكرة الناس صحيحة، غير أن تطبيقهم خطأ، فيكون الهدف فيه شيء من الصحة، والوسيلة جانبها الصواب.

وهنا نجمع نقاط الاتفاق، ونسلم لهم بصحة تفكيرهم فيما هو صحيح، ونتناقش معهم بهدوء وروية فيما هو خطأ عندهم، وأن نسعى إلى إيجاد الحلول، وأن نحتكم إلى وسيط بيننا وبينهم نعرف عنه العدل والقسط بين الناس، وأنه لا يتحيز لأحد على حساب الحق.

وكره والدتك للعلماء لا بد أن يكون له سبب، فربما سألت مفتيا عن مسألة يوما ما، فأجابها خطأ، مما ترتب عليه شيء في حياتها مثلا، أو تكون سمعت من بعض الناس ما آمنت به عن الفقهاء والمفتين.

وطريق التصويب هنا الحوار الهادئ، وإن كنا أمرنا أن نحاور مخالفنا في العقيدة بالتي هي أحسن، فإننا أمرنا أن ندعو أهلنا وأقاربنا بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن نخفض لهم جناح الذل من الرحمة، وأن ندعو لهم بالهداية والتوفيق.

وقد يكون كره والدتك للمفتين المعاصرين، فيكون الطريق الرجوع إلى المراجع الأصيلة لنقرأ فيها بعيدا عمن تكره، أو يكلمها من تثق في علمه وأدبه وأخلاقه، ولو لم يكن من أهل التخصص، كمرحلة تمهيدية، لأن تعرف أنه من الواجب سؤال أهل العلم وأصحاب التخصص، وأن هذا ما قامت عليه الدنيا في كل شيء {فَسْـَٔلُوٓا۟ أَهْلَ ٱلذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.

ولكن مع هذا يجب عليك أن تتمسكي بما تؤمنين به أنه الصواب، فإن مثل التمسك يدعو للتفكير، ويكون أقرب أن تراجع والدتك نفسها، منك مرة، ومن غيرك مرة، حتى يأذن الله تعالى بأن تحيد عن الأفكار الخاطئة.

ولا تحزني من هذا لدرجة اليأس، ولكنه يتطلب منك جهدا معها، وتذكري أن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء، فاسألي الله تعالى أن يفتح مغاليق قلب والدتك، وأن يبصرها وإياك بالحق.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى