- السؤال:
خالتي أرملة وتعول بنتًا وتعيش حاليًّا في منزل والد زوجها وتتعرض منهم لمضايقات كثيرة، وخاصة بعد الميراث، وفي ذات مرة وأثناء إحضار أولادها من المدرسة حضرت وإذا بشخص غريب في شقتها وجمع غفير من أهل زوجها وبعض الجيران بحجة أن هذا الشخص كان معها في المنزل بمفردهما، يعني أنها تتستر عليه، واجتمع الجميع في نفس واحد أن هذا لا يجوز وأنك غير أمينة على الأولاد، ويجب أن تتركيهم في رعاية جدهم لأبيهم وهي في ذهول تام أخذوا منها توقيع بالتنازل عن الشقة وعن حضانة الأولاد. وقد انقسمت الأسرة إلى من يشك فيها ويصمت، ومن يدافع عنها، حيث إنها قدمت من الخارج ولم تتلبس بأي منكر مع الشخص وأنا معهم، فهل نتركها في هذه الظروف أم ماذا يجب علينا دعويًّا وشرعيًّا؟ وهي الآن عند أسرتها، ولكنها محاصرة بنظرات أهلها. |
- الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
الأخ الفاضل..
حينما يبعد الناس عن الشرع تأتي المصائب، وكم من البلايا التي يعيشها الناس مرجعها إلى ترك شرع الله تعالى، والجري وراء الهوى، وإن كنت لم تفصل لنا في سؤالك عن كثير من الأشياء التي يمكن أن تكون مفاتيح حتى نرزق إجابة سديدة على سؤالك، ولكني أقول لك:
لا يجوز اتهام امرأة بالقذف أو غيره مما ليس له دليل شرعي، فإن كان المقصود أنها ليست أمينة أنها على علاقة غير شرعية، وأنها أتت الحرام المعلوم عند الناس فهذا لا يجوز؛ لأنه لا يجوز اتهام أحد بالزنى إلا إذا رؤي الأمر من الرجل والمرأة بشهادة أربعة شهود، وما سوى هذا، فلا يجوز أن يتهم أحد آخر بالزنى مهما كان، وإلا كان قذفًا، يجلد صاحبه كما في شرع الله تعالى.
أما إن كان المقصود أنها أدخلت شخصًا غريبًا، فكان من الواجب مصارحتها، وأن يجلس معها، وأن تعرفوا ما الذي حدث، وبعدها يقرر.
لكن هي لم يثبت عليها أنها ارتكبت جريمة الزنى، فلا يجوز لأحد أن يجبرها على التنازل على حضانة الأولاد، بل ما صُنع من التنازل عن الشقة إن كان تحت ضغط هو حرام شرعًا؛ لأنه لو كانت شقتها، فهذا حقها، والحق لا يضيع لأجل أن يأتي الإنسان شيئًا حرامًا، سواء كان قليلاً أم كثيرًا؟ ومن هذا الذي هو معصوم من الخطأ؟ أم أننا عندنا نجد صغيرة عند أحد نجري بها ونطير، قد يكون لأجل أخذ الميراث، وقد يكون حكاية الرجل لعبة دبرت، وإن كنا لا نقطع بهذا.
ولكن أنا أطلب منك أن تبحث في الأمر، وأن تمكث مع هذه المرأة، وأن تستحلفها الله تعالى أن تقول لك الصدق، ولكن أن تقف معها هذا واجب ديني يحتم عليك، حتى لو أخطأت وارتكبت بعض الصغائر، فإن هذا لا يجعلها محرومة من ولدها وبيتها، ويجب أن تراجعوا أهل زوجها أن يعيدوا لها شقتها وأولادها، أو يشتروا لها شقة بدلاً منها، وأن تسكن فيها هي وأولادها، وأن يكون معها أهلها يعاونونها الخير والبر، وقد قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلْإِثْ}، وما حدث منهم هو جزء من التعاون على العدوان على حقوق الآخرين، لا يرضاه الله تعالى.
نسأل الله تعالى أن يصلح الأحوال.
- د. مسعود صبري