استشاراتالدعوة

كيف نسترد إخوتنا للدعوة في فلسطين؟

  • السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 
من فلسطين المباركة نحييكم فسدد الله خطاكم. 
أخواننا الكرام، خلال الانتفاضة الاولي، كان لنا إخوة أحبة شاركونا الجهاد والدعوة في إطار الحركة الإسلامية، و حينما تاسست السلطة الفلسطينية، مارست علينا أشد الضغط والقمع فسجنا وعذبنا وحوربنا في لقمة العيش، و هذا جعل بعض إخوتنا يضعفون ويبتعدون عن صف الحركة الإسلامية، ليس تراجعا، ولكن خوفا، ومنّ الله علينا بالانتفاضة الحالية، فقويت شوكة الحركة الإسلامية مجددا، فعدنا بكل قوة نعمل في مجال الدعوة و المقاومة. الا أن بعض إخوتنا السابقين لا زالوا خائفين بعد 4 سنوات العودة، للحركة، وهم خائفين جدا من بطش السلطة الفلسطينية بهم في حال عادت إليها قوتها.
كيف يمكننا دعوة إخوتنا الدعاة السابقين وإزالة الخوف عنهم.

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
الأخ الفاضل،

حياكم الله تعالى أهل فلسطين، وتحية خاصة للمجاهدين والعاملين في حقل الدعوة ببلدكم الكريم، ثبتكم الله تعالى على دينه، وحفظكم من شر عدوكم.

أخي ما تسأل عنه ليس حصرا على فلسطين وحدها، فهذا حال كثير من الذين ينتمون للعمل الإسلامي، ويجب أن ندرك أن الناس أصناف متباينة، فمنهم من ينجذب للدعوة لأنه شده إليها التآلف والمودة والحب والأخوة، ومنهم من يرى فيها صلاح الحال مع الله تعالى، ومنهم من يرى فيها جوانب كثيرة، ويجب أن نقرر أن بعض الناس يريد الدعوة بشكل جزئي، لا يريد أن يكون هناك صدام مع السلطة أو غيرها، إنه يريدها بلا تبعات، ومن المعلوم أن الدعوة يجب أن يؤخذ بخيرها وبلائها، وبلاؤها جزء من خيرها، وإن بدا شرا للناس، وقد قال تعالى: {وَنَبْلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلْخَيْرِ فِتْنَةًۭ ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} وقد قال تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـٰكُمْ عَبَثًۭا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}، وقال أيضا: {الٓمٓ . أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوٓا۟ أَن يَقُولُوٓا۟ ءَامَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ . وَلَقَدْ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُوا۟ وَلَيَعْلَمَنَّ ٱلْكَـٰذِبِينَ}، ويجب حين ندعو الناس إلى الدعوة أن نوضح لهم طبيعة الدعوة إلى الله تعالى، وأن فيها هذا الابتلاء، كما أن فيها من الأخوة والطاعة وغير ذلك.

ولكني في الحقيقة لا أحبذ أن نقول: نوضح لهم طبيعة الدعوة، فمن شاء أن يكون معنا، فليكن معنا، ومن شاء أن يتركنا، فليتركنا، ولكن يمكن أن نقبل في الدعوة الناس على مستويات مختلفة، فكل الناس حين يدخلون في شيء لا يأخذونه كلهم بمستوى واحد، ففي العلم يختلف الناس، وفي العمل يختلف الناس، وأيضا في الدعوة يختلف الناس، ويمكن لهؤلاء أن نتفق معهم على ما يمكن أن يبقوا في الصف، على أن يجنبوا بعض الأمور التي قد تسبب لهم مشاكل، ولا نتعجل، فعسى الله تعالى أن يرفعهم من درجة إلى درجة أعلى، وما ذلك على الله بعزيز، والإنسان بطبعه يتغير، فنصيحتي لكم أن تجلسوا معهم، وتروا كيف يمكن الجمع بين البقاء في العمل الدعوي، وبين تجنيبهم ما يخافون، فالناس ليسوا سواء، فقد خلقهم الله تعالى مختلفين، وتلك سنة الله تعالى.

أما عن تفاصيل الأمر، فأنتم أدرى بمن معكم، ولكن لا تفرطوا في أحد منهم، فربما كان فيهم رجل صالح تنصرون به، وربما كان لأحدهم عقل ينفعكم في مشورتكم، وربما كان فيهم من يستطيع عمل شيء ليس في مقدور من هو موجود أن يقوم به على الوجه الأكمل.

فإن رفضوا وأصروا، فيمكن أن يبقوا في الأعمال العامة، وأن يشاركوا فيها كغيرهم، المهم ألا تقطعوا دونهم حبال الوصال، فمدوها لهم، وانظروا أية نسبة يمكن أن يكونوا بها معكم، المهم أن يلم الشمل،” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا”.

حفظكم الله تعالى ورعاكم.
ولا تنسونا من صالح دعائكم.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى