استشاراتالدعوة

دعوة الغارم في الدين

  • السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 
أخي سؤالي ما حكم الغارم في الدين وكيف ينظر الناس إليه وكيف يدعو غيره وهو في نظر عامة الناس إنسان مخادع قد غش الناس وأكل حقوقهم.. 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

  • الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل:

الغارم إن كان غرمه في شيء مباح شرعا، فقد جعل الله تعالى له من مال الزكاة، حين قال: {إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱلْعَـٰمِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَـٰرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ}.

فهذه هي المصارف الشرعية للزكاة، وقد جعل الله تعالى للغارم بنص القرآن حقا في مال الزكاة حتى يسدد دينه، فالواجب عليه أن يذهب لبيت الزكاة في بلده، وأن يعرض عليهم الأمر، حتى يساعدوه في سداد دينه، بطريقة أو أخرى.

أما كيف ينظر الناس إليه، فإنه إن كان قد اقترض لشيء مباح، أو حاجة ماسة، فإن القلوب بين أصبعي من أصابع الرحمن كيف يشاء، والله تعالى يدافع عن الذين آمنوا، وعليه إن جادله أحد أن يبين له ظروفه إن كانت مما يمكن أن يقال، وأن يوضح لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات ودرعه مرهونة عند يهودي، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقترض من غيره، ولم يمنعه الاقتراض من الدعوة إلى الله تعالى، ولو أن كل داعية رأي في نفسه عيبا، فأوقف نفسه عن الدعوة، لجلس كل الدعاة بلا استثناء في بيوتهم، هذا إن كان الاقتراض عيبا.

كما أن على الداعية أن يفكر جيدا في سداد دينه ولو بالقدر اليسير، وأن يوقن أنه مادام قد أخذ أموال الناس يريد سدادها، فإن الله سبحانه لن يتركه، وفي الحديث الصحيح: “من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله”، فليكن الداعية في ثقة وحسن ظن بالله تعالى أن الله سيسدد عنه، مادام الاقتراض كان في سبيل أباحه الله تعالى.

كما يجب على إخوان الداعية ومن يعرفه أن يساعدوه في سداد دينه، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع لمن عليه دين من أصحابه ويسد دينه، وهذا من باب التكافل في الإسلام، لقوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا۟ عَلَى ٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ}.

ولا ينس الأخ الداعية أن يكثر من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال”.

ولكن لا يكن الدين مانعا للأخ الداعية عن دعوته، بشرط أن يسعى في السداد قدر الحاجة، إما عن طريق بيت الزكاة، أو طريق إخوانه، أو أنه يتفق مع من له الدين أن يعطيه كل شهر جزءا ولو يسيرا، وأن يكثر من الدعاء لله سبحانه أن يقضي عنه دينه، وأن يوقن أن الله سبحانه يقضي عنه عاجلا أم آجلا، وأن مثل هذا لا يكون حائلا بينه وبين دعوته، فإنه يدعو لله، وما كان لله أن يترك من أوقف حياته لدعوته سبحانه وتعالى، فهو أكرم من كل كريم، وأجود من كل جواد محسن.
سدد الله دين من اقترض، وكفانا جميعا شر الدين. اللهم آمين

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى