استشاراتالدعوة

اتهامات في الدعوة للحركات

  • السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله..
يتهم بعض الكتاب والمحللين الحركة الإسلامية بفصائلها المتعددة بتهم عدة، وأبرز هذه التهم هو تحول الحركة الإسلامية إلى أداة في يد الأنظمة يفعلون بها ما يشاءون، وأن هذه الحركات أصبحت عبئًا على المجتمعات، وأنها أصبحت وسيلة من وسائل تحجيم الشعوب لصالح الأنظمة.. أبرز الأمثلة على ذلك جماعة الإخوان المسلمين التي يطولها أكبر قدر من الانتقادات والاتهامات، فأصبح الشباب في حيرة فهم يسمعون ويرون أن الأنظمة تتعامل مع مثل هذه الجماعات بعنف وغلظة، وعلى جانب آخر يشاع حولها الأقاويل والشبهات.. وبالنسبة للكثيرين ممن لا يحسنون قراءة المواقف وليس عندهم قدرة على تفنيد هذه الاتهامات والتحقق منها.. ما هي أنسب وسيلة للتعامل مع مثل هذه الشبهات نظرًا لأن هذه الجماعات أمر واقع وتؤثر في كثير من الشباب.
وجزاكم الله خيرًا.

 

  • الجواب:

الأخ الفاضل؛
الجماعات العاملة في حقل الدعوة على وجه العموم، ممن اتسم بالحكمة والعقل، والرجوع إلى الكتاب والسنة بفهم ووعي لا ينكر فضلها إلا جاحد، وهناك فرق بين التزام الإنسان بهذه الجماعة ورأيه فيها، فلابد من التفرقة بين الأمرين..

ففي الوقت الذي سقطت فيه الخلافة الإسلامية، ولم تقم الحكومات بدورها في إحياء الإسلام في نفوس الناس، وأصبحت كثير بل معظم الوزارات التي من المفروض أن تهتم بنشر الدعوة والإسلام محجَّمة التصرف والفعل، قامت الجماعات الدعوية بدورها قدر جهدها، ومن الخطأ أن نحكم على جماعة معينة أنها ما حققت كل نصر الله، لأن هذا –في ظني– لا يمكن أن تقوم به جماعة وحدها، فلابد من قياس قدرة الجماعة على التغيير، وما يمكن أن تفعله في ضوء البيئة المتاحة، وفي ضوء إمكانياتها، وفي ضوء الضغوط الداخلية والخارجية، ثم نطالب جماعة من الجماعات أن تحل كل مشكلات الدنيا بما فيها مشكلات الدول والحكومات، فهذا نوع من العقم في التفكير، وهي إما مبنية على كراهة وحقد وعمد أو جهل أو سهو أو عدم معرفة حقيقية أو سوء تفكير.

ولأجل الحكم على جماعة من الجماعات يجب أن نعرف قدرها الحقيقي، دون زيادة أو نقصان، فلا نعليها أكثر مما هي ولا نخفضها عما هي أكبر منه، وعلى هذا الضوء يمكن أن نحكم على جماعة الإخوان أو غيرها.. ماذا قدمت للأمة؟ وما يمكن أن تقدمه؟

كما أن كثيرا من الناس يجنح في الإصلاح إلى المواجهة غير الواعية، بل أقول: غير الواقعية، فالعلماء يصرخون بأن الجهاد هو الحل لإخراج الاحتلال من فلسطين ومن العراق، فماذا صنع الناس، وماذا في أيديهم أن يصنعوا.

إن نصرة الإسلام –لمن كان صادقا في نصرته– لن تأتي من أن يشتم كل حزب إخوانهم، بل الواجب أن ندرك أن كل جماعة دعوية تقوم بدورها ويجب أن نشكر لها ذلك وأن نشجعها، وأن يكون هناك نوع من التعاون المثمر بين الجماعات الدعوية، وبين الوزارات المعنية، فهناك ما لا يمكن للدولة أن تحققه للضغوط الخارجية، فلا بأس أن تسمح الحكومات للهيئات الخيرية والجماعات غير الرسمية أن تقوم بدورها، وإن رأت من المصلحة الاعتراف ببعض الهيئات والجماعات حتى تعمل في مظلة شرعية فلا بأس، وترى أن هذا من الواجب عليها تطبيقا للديمقراطية وأن هذا من مطالب الشعب.

وإن كنا نتحدث عن نصرة الإسلام ودور الجماعات، فلا بد من الاستفادة من التنسيق بين كل الفئات الرسمية وغير الرسمية، لأن الخطر أكبر مما نتصور.

وفي رأيي ألا ننشغل بالنقد الخارجي لهذه الجماعة أو غيرها، فإن الناس بطبعهم نقاد، فلا يعجبهم ما تفعل الجماعات، ولا ما تفعله بعض الحكومات من الأعمال الطيبة المقبولة، فهناك فريقٌ يرى أن كل أعمال الجماعات مغلف بنوع من النفاق للوصول للسلطة، والقطاع الأكبر يرى أن الدولة لن يأتي منها خير مهما كان، وإن كنا نعيب على كثيرٍ من الحكومات تقصيرها في نشر دينها، ومحاربتها محاولات الإصلاح، ولكن هذا لا يجرنا أن نقول: إن الحكومات مخطئة في كل ما تفعل، بل نقول لكل من أحسن: أحسنت، ولكل من أساء: أسأت، ونزن الأمور بميزان الشرع.

ولو وقفنا عند نقد الآخرين لنا لما صنعنا شيئا في حياتنا، وربما كانت هذه من الخطط التي ابتلينا بها من تلقاء أنفسنا، وربما كان لعدونا جزء في ذلك.

على أن الحوار المشترك بين المختلفين، وإخلاص النية لله سبحانه وتعالى، والسعي لمصلحة الوطن الذي نعيش فيه، تجعل هناك أرضية جيدة للتفاهم بين المختلفين، وقد تكون هذه خطوة نحو الإصلاح والبعد عن النقد لأجل النقد، ولا بأس بالنقد البناء، وألا يظن أحد من الجانبين أنه معصوم من الخطأ، بل يفتح كل الهيئات والجماعات قلوبها لكل نصح لله تعالى.. ولو كان من خصم فهو المستفيد الأول، ونحن دائما في حاجةٍ إلى تصحيح مسارنا، وخاصة في طريق دعوتنا إلى الله تعالى، ومازال الناس يتعلمون ما بقي فيهم رمق من حياة، فمن المهد إلى اللحد يصحح الناس أخطاءهم، ويستفيدون من غيرهم، ويخلصون في أعمالهم، وليس عليهم أن يهتموا بالتفاهات، والله يدافع عن الذين آمنوا، إن الله لا يحب كل خوان كفور.

نسأل الله تعالى أن يهدينا جميعا لما يحب ويرضى.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى