- السؤال:
الحمد لله. سؤالي هو أننا نعاني من ثورة تشكيك في كل ما نعتقد.. فبالصدفة المحضة نواجه اتمهمات وتشكيك بالقرآن والصحابة وكيف أنهم ليسوا عدول وكيف أنهم تشككوا في كتاب الله ونرى من يشكك ويتهم صحابة نراهم القدوة والمثل.. كلما بحثت عن اي موضوع صرت لا أحب البحث حتى لا أصدم بما يكتب ويقال.. سؤالي: كيف أثبت،كيف أصل لليقين الذي ليس بعده شك؟ أحتاج الى خطوات عملية. هل استمر بالتعلم أم أتوقف حتى لا أضطرب مع العلم أني ومنذ صغري لا أترك كتابا دون قراءته. |
- الجواب:
بسم الله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وبعد:
الأخت الفاضلة:
الشك كما عرفه العلماء هو: تجويز أمرين على مزية لأحدهما عن الآخر، وهو بخلاف الظن الذي هو تجويز أمرين أحدهما أظهر على الآخر.
أما عن الاعتقاد، وأقصد به مسائل العقيدة، فهذه لا تبنى إلى على اليقين والقطعيات، ومن هنا، فإن البحث في التاريخ يجب أن يبتعد أولا عن موضوع العقيدة.
وما تتحدثين عنه هو سلوك بشري يقع تحت طائلة التاريخ من حيث الأصل، ويمكن أن نناقش هذا الأمر على النحو التالي:
- 1- أن حفظ القرآن الكريم قد تكفل الله تعالى به،
وأننا نؤمن – كمسلمين – أن الله تعالى ما فرط في الكتاب من شيء، وأنه سبحانه كما قال: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا ٱلذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَـٰفِظُونَ}، وهذا يعني أنه لا يتطرق إلى أذهاننا شك في أن القرآن الكريم الذي بين أيدينا هو كلام الله تعالى الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأنه محفوظ بحفظ الله تعالى، وقد حفظ الله تعالى القرآن، وقيد له رجالا، هم الصحابة، كانوا خير من حمل الأمانة، فالقرآن كان محفوظا عندهم في مكان لا يتطرق إليه شك أبدا، فقد كانوا يحفظونه في صدروهم، وربما لو كان القرآن محفوظا في البدايات على الأوراق فحسب، لكان يمكن التشكيك، مع أنه لا يجوز، لوعد الله الذي لا يخلف وعده، ومع هذا، فإن القرآن كان منتشرا مع المسلمين في صدروهم، يتلونه في بيوتهم و في مساجدهم، ويعلمونه صبيانهم، ويخطبون به، وتوارث الناس القرآن بعضهم من بعض، فكيف يتطرق إلى ذلك شك؟
وإن جوزنا التشكيك، فإننا نشكك في علوم العلوم التجريبية التي جاء بها الغرب، من الطب والكيمياء والفيزياء والأحياء والفلك، ونقول: إن كل ما ورد لنا هو عن طريق الخرابة، وأن كثيرا من العلماء زيفوا العلوم؟؟ أظن أن الدنيا ستقوم ولا تقعد، وأقول: إن كنا لا نقبل هذا الكلام على كلام بشري قابل للصواب والخطأ، فكيف نقبله في كلام الله تعالى، الذي له الأمر والخلق؟!!
- 2- أن الصحابة زكاهم الله تعالى في كتابه،
{فِيهِ رِجَالٌۭ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا۟ ۚ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُطَّهِّرِينَ}، {مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌۭ صَدَقُوا۟ مَا عَـٰهَدُوا۟ ٱللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُۥ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ}، {رَّضِىَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا۟ عَنْهُ}.
كما زكاهم الرسول صلى الله عليه وسلم: “ما شأنكم وشأن أصحابي ذروا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما أدرك مثل عمل أحدهم يوما واحدا”، وقال: “عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ.” ومن المعلوم أن حفظ القرآن في المصحف كان من عمل أبي بكر، وأكمله عثمان، وهما من الخلفاء الراشدين، وإن كان هؤلاء الصالحون مطعون فيهم، فهذا يعني أنه ليس صالح على هذه الأرض.
- 3- لقد قام الغرب بعمل مقارنات
بين نسخ المصحف حسب أقدم النسخ وأحدث النسخ، ونسخ مختارة في أزمنة متقاربة، فوجدوا أن القرآن ما تغير في شيء، حتى الزعم بأن الشيعة حرفوا القرآن هو زعم مردود، لأن كبار الشيعة يكفرون من يرى تحريف القرآن، ويعدونه خارجا عن الملة، ولو كان من الشيعة.
- 4- أن العلم
هو السبيل الأفضل مع الإيمان في إثبات الحقائق، وأن كثرة الاطلاع مع الاسترشاد من الشيوخ والعلماء يجعل المرء دائما في ثقة مما يقرأ ويفهم.
- 5- أن الصحابة ما أخطئوا في نقل شيء عن الوحيين،
القرآن والسنة، ولكنهم فيما سوى هذا بشر من البشر، يصيبون ويخطئون، وهذا الحفظ منهم هو جزء من حفظ الله تعالى لهذا الدين.
فاستمري في طلب العلم، فهو الذي سينير الله تعالى لك به الطريق إن شاء الله.
- د. مسعود صبري