- السؤال:
أدرس في إحدى الجامعات العربية، وأنا آتي من بلد آخر، ولقد تعرفت على بعض الأصدقاء، وأثناء حديثنا فوجئت بأحدهم يقول أن النقاب فيه تعذيب للمرأة، فهي لا تستطيع أن تمارس الحياة العصرية.. وكيف ونحن في القرن الواحد والعشرين وهناك نساء يغطين وجوههن؟!! حاولت الدفاع لكني لم أستطع.. فكيف أقنع هذا الشاب بأن النقاب لا يضر بل هو أمر إسلامي؟؟؟ |
- الجواب:
يا أخي؛
من المفروض أن تكون المرجعية الثقافية والفكرية للمسلم القرآن الكريم الذي حوى أصول العلم، والسنة النبوية بوصفها المذكرة التفسيرية للقانون الكبير لهذه الأمة، أما أن يستمع بعض أبناء الأمة إلى الشبهات التي يقذفها بعض من لا علم له بالدين، ومن يستقي حضارته من الغرب دون تعقل أو تفكير، فهذا تفكير غير مقبول.. لا شرعا ولا عقلا.
إن النقاب ليس سبة في جبين هذه الأمة، وهو من شعائر هذه الأمة رفض من رفض، وأبى من أبى، وقد كان عدد من نساء المسلمين في كلِّ عصرٍ يلبسن النقاب، ونحن لا نتحدث عن فرضيته أو سنيته، ولكن الحديث الآن عن محاولة جعله “ليس من الإسلام”، فالنقاب من الإسلام رغم أنف الجميع، وسيظل في الأمة من تنتقب إلى أن يقوم الناس لرب العالمين.
ثم ما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا؟؟
يتركون المتبرجات، ولا يجد أحدهم حياءً في أن يجالسها ويحاكيها، أما التي حفظت نفسها إلا عن زوجها، وقد اختارت لنفسها ألا يطلع عليها الرجال فتكون هي الجهولة المتخلفة؟؟ أما من عصت الله تعالى وبارزته بالمعصية فهذا نوع من التقدم والتحضر؟؟
إن النقاب ليس مانعا لأي شيء، وقد كانت المرأة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم منتقبة –ليس كلهن، ولكن قطاع عريض منهن– وما منعها ذلك أن يكون لها دورٌ كبيرٌ في الحياة الاجتماعية، لكن الحياة لا تسير إلا بكشف الوجه والنظر بين الرجال والنساء، إن أقل ما يجب أن نفترضه في النقاب أنه حرية شخصية، وما دام الأمر خلافيا في مسألة من المسائل، فلتتخير كل مسلمة ما تحب أن ترضاه لنفسها، وما تحب أن تقابل به ربها.
إن كثيرا من أخواتنا الكريمات المنتقبات لهن دور كبير في كثير من المؤسسات الحكومية، وهن يقمن بدور فعال في المؤسسات الخيرية، ولم يكن النقاب حاجبا لهن عن القيام بدورهن في المجتمع.
بل ربما ترى المرأة المنتقبة أن النقاب سيفتح لها المجال أن تتعامل بحرية أكبر من الرجال، دون خوف أن ينظر إلى وجهها أحد فيفتن بها أو تفتن به، ولعل هذا السؤال يثير اقتراحا من بعض كليات الدراسات الاجتماعية حول دور المرأة المنتقبة في المجتمع، وأن تقوم الدراسة بعمل ميداني يبرز لنا حقيقة الأمر.
على أنه من ناحية الشرع، ومما نعرف في واقع الناس أن النقاب لم يكن –ولن يكن– سببا عائقا للمرأة في يوم من الأيام.
أما من يريدون أن يتعاملوا مع المرأة في أبهى حللها، وأن تتزين لهم قبل الجلوس معهم، فأولئك ذئاب لا خير فيهم، ولا يؤبه لهم، والخير لهم أن يصمتوا إن لم يرجعوا عن غيهم.
ولعل الاطلاع على فلسفة النقاب في الإسلام فيما كتبه المفكرون والفقهاء المسلمون يريح كثيرا من هذا التفكير، الذي لا سند له من شرع أو عقل، وإن كان الله تعالى أباح للمرأة -ولا نقول فرض- أن تنتقب، فكيف لبشرٍ مخلوقٍ يعترض على شرع الله سبحانه وتعالى فيما أباح للمؤمنات في المجتمع الإسلامي.
نسأل الله سبحانه وتعالى هدايتنا جميعا، وأن يحفظنا من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا.
- د. مسعود صبري