استشاراتتقوية الإيمان

التوبة من الرياء

يسأل الأخ الفاضل عن طرق التوبة من الرياء؟

  • السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله..
أشعر بعض الأحيان بأنني أقوم ببعض الأعمال رياءً، وأحب أن أتكلم عنها ثم أتوب وأطلب من الله الإخلاص في العمل.. فما هي الطرق التي أعرف بها أنني قد أخلصت العمل لله؟ وهل يكفي عدم الحديث عن صالح الأعمال والخير ليكون دلالةً عن الإخلاص في العمل؟

 

  • الجواب:

الأخ الفاضل؛

بدايةً، الإخلاص وحقيقته ألا يكون في قلب الإنسان شيء سوى الله تعالى، وأن الإنسان في عمله لا يرجو ثوابا إلا من الله، ولا ينتظر أجرا إلا من الله، وأن يوقن أن العمل الصالح هو من الله، ويجب أن يكون لله، ولذا جاء في الحديث: “قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه”.

وأن يعرف أن الله تعالى منزه عن الشراكة، وأن إشراكه مع الله فيه تقليل لشأن الله تعالى في نفسه، فقد ساوى بين ربه الخالق وبين المخلوق، وهذا في ميزان العقلاء نوع من الخطأ المحض.. ولذا، فإن الله جعل مغفرته من كل شيء إلا الشرك، حين قال: {إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِۦ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُ}.

وفي سبيل تحقيق الإخلاص:

– يجاهد الإنسان نفسه، وينظر قبل إتيان العمل هل هو لله تعالى.. فإن كان لله أمضاه وتوكل على الله، وإن كان لغير الله توقَّف، وصحَّح نيته، وجعلها لله.

– أن يطرد الإنسان وساوس الشيطان حين يزين له الافتخار بالعمل، وأن يكثر من الاستعاذة بالله تعالى منه.

– أن يكون الإنسان وجلاً ألا يُقبل عمله عند الله فيضيع منه، ويكون هباء منثورا، كما قال تعالى: {وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ ءَاتَوا۟ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ رَٰجِعُونَ}، والإنسان يعمل العمل الصالح ولا يدري هل تقبل الله تعالى منه أم لا؟

– أن يعقل الإنسان حقيقة ثناء الناس عليه، فما الذي يعود عليه حين يثني عليه الناس الثناء الحسن، وقد ضاع ثواب العمل عند الله؟ فيكف بمن قال الله تعالى فيهم:

{قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِٱلْأَخْسَرِينَ أَعْمَـٰلًا * ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}.

– أن ينظر المسلم ثواب الله تعالى وثواب الناس، فقد ادخر الله تعالى لعباده الصالحين في الجنة مالا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ولكن ما يملك الناس أن يفعلوا له إلا كلمات تخرج من أفواههم، لا تجاوز خناجرهم، تخرج في الهواء الطلق لا فائدة منها تعود عليه.

– أن يوقن المسلم أنه عبد الله، وأن على العبد أن يقدم العمل لسيده لا لعبيد مثله، لأنه من غباء المرء أن يجهل طبيعة عمله، فلا يدري كيف يعمل، ولا يدري لمن يقدم العمل، بل الأشد من هذا أن يعرف الإنسان لمن يقدم العمل، ثم هو يتعمد أن يقدمه لمن لا يستحق، بلا ثمن مجز.

– أن يجاهد الإنسان نفسه بخطوات عملية، فيمكن له أن يكون معه ما يشبه “الكراسة” الصغيرة، فكلما وجد في نفسه عملا لغير الله سجله، وصحَّح فيه نيته، واستغفر الله تعالى منه، ويواظب المتابعة مع نفسه حتى يصل إلى الإخلاص، ومن داوم قرع الباب يوشك أن يفتح له، “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين”.

– أن يكثر الإنسان من الدعاء لله أن يرزقه سبحانه ويمن عليه بإخلاص العمل له، وأن يتعوذ من الرياء، كما أرشد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى هذا في حديثه: “اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلمه”.

– وأن يسال الله تعالى الإخلاص: اللهم اجعل عملي خالصا لوجهك، ولا تجعل لأحد فيه شيئا يا رب العالمين، أو غيرها مما يحب أن يدعو به.

– أن يوقن أن من يتوجه إليهم بالعمل وذكره أمامهم أنه بشر مثله، لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا، ولا يملكون لأنفسهم موتا ولا حياة ولا نشورا.

– أن يعظم الله تعالى في نفسه وفي علمه، ومن تعظيمه له سبحانه، أن يتقدم الإنسان بعمله له وحده، فهو سبحانه الذي يجزي الذين أحسنوا بالحسنى.

نسأل الله سبحانه أن يرزقنا الإخلاص في سرنا وعلانيتنا وفي كل أمرنا. والله الموفق.

 

  • د. مسعود صبري

للمزيد عن التوبة من الرياء اقرأ ايضا

هاجس الخوف من الرياء

 

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى