- السؤال:
في ظل الأحداث التي جرت في الإسكندرية، والتي قتل فيها مسيحي ومسلم، وأصيب عدد آخر، وأتلفت بعض المحال والسيارات وغيرها، نادى البعض بمشاركة الأقباط بأن يقف بعض الشباب أمام الكنائس تعبيرا عن حمايتهم، وحضور صلاتهم في الكنائس، فهل هذا العمل يباح شرعا؟ |
- الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
- فالوقوف أمام الكنائس
تعبيرا عن رفض الاعتداء عليها جائز شرعا، وهو عمل محمود إن خلصت النوايا، و حسنت المقاصد، فالوقوف مع المظلوم ورد الظالم من شعائر الإسلام، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “انصر أخاك ظالما أو مظلوما.” (البخاري).
- أما الصلاة في الكنسية، فقد تحمل على وجهين:
إن كان المقصود بها صلاة المسلمين في الكنيسة، فهي جائزة مع الكراهة، وقد رخص عدد من فقهاء التابعين والسلف في الصلاة في الكنيسة منهم: الحسن وعمر بن عبد العزيز والشعبي والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز وروي أيضا عن عمر وأبي موسى..
وكره ابن عباس والإمام مالك الصلاة في الكنائس من أجل ما فيها من التصاوير. وهناك رواية أيضا عن عمر أنه يكره الصلاة في الكنيسة.
والأدلة على جواز الصلاة في الكنيسة كثيرة، منها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة وفيها صور.
وأنه لم يرد استثناء للكنيسة مع وجودها في عصر النبوة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “فأينما أدركتك الصلاة فصل، فإنه مسجد.” (أبو عوانة، وأصله في الصحيحين). وقوله صلى الله عليه وسلم: “الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام.” (أبو داود والترمذي)، ولم يذكر الكنسية، ولا يجوز تأخير البيان، والحاجة ماسة إليه في الحال، كما يعبر عن ذلك علماء أصول الفقه.
أما دخول الكنيسة – على وجه العموم- فإنه لا بأس به إن كان لحاجة أو ضرورة، وأن يكون بإذنهم، لا أن تقتحم عليهم، احتراما لمكان عبادتهم.
- أما مشاركة النصارى في صلاتهم وعبادتهم؛
فلا يجوز بأية حال من الأحوال؛ لأننا نؤمن بفساد عقيدتهم وعباداتهم، ونحن مختلفون معهم في هذا، فلا يجوز أن نقرهم على شيء لا نؤمن به، و في المقابل هم أيضا لا يقروننا على عقيدتنا ولا صلاتنا، بل يروننا مشركين، مع أننا نراهم أهل كتاب!
وقد استدل الإمام أحمد – رحمه الله – على هذا بقوله تعالى:(وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) الفرقان: 72.
وقد ذكر الخلال من فقهاء الحنابلة عن مهنا أنه سأل الإمام أحمد عن شهود هذه الأعياد التي تكون بالشام مثل دير أيوب وأشباهه يشهده المسلمون، يشهدون الأسواق ويجلبون فيه الغنم والبقر والدقيق والبر وغير ذلك إلا أنه إنما يكون في الأسواق، يشترون ولا يدخلون عليهم بيعهم قال: إذا لم يدخلوا عليهم بيعهم وإنما يشهدون السوق فلا بأس.
وقد جاء النهي عن المشاركة في طقوس أعيادهم في قول عمر رضي الله عنه: لا تعلموا رطانة الأعاجم، ولا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم.
وهذا مبني على الخلاف في العقيدة، ولكن هذا الاختلاف لا يمنع التعايش السلمي بين المسلمين وغيرهم في وطن واحد، ولا يدفع إلى ظلم أو إنقاص حق. ولكنه لا يعني وحدة الأديان والعقائد، ولا يجيز الاشتراك في صلاة واحدة.
والله أعلم.
- د. مسعود صبري