- السؤال:
هل يجوز استجابة طلب البهائيين بكتابة معتقدهم في البطاقة الشخصية، كنوع من حقوق المواطنة، وذلك في مصر وغيرها من الدول العربية؟ |
- الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فلا يجوز كتابة “البهائية“كديانة في البطاقات الشخصية، ولا في جوازات السفر، إن كانت جوازات السفر فيها خانة للديانة، وذلك لما يلي:
1- أن كتابة “البهائية“ في خانة الديانة اعتراف بها كديانة سماوية وهذا لا يجوز، فإن البهائية ليست ديانة، بل هي عقيدة فاسدة، وليس لها أصل في الديانات السماوية، بل هي تلفيقات فاسدة وأفكار هدامة، في ثوب دين.
2- أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من خروج أناس بعده يدعون النبوة، كما فعل البهاء الذي ادعى النبوة، ثم ادعى الألوهية، وكل من يدعي النبوة يجب محاربته وطلب التوبة منه، فإن أصر؛ قتل.
فقد ورد عن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ”وأنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي.“ أخرجه أبو داود والترمذي وصححه ابن حبان وهو طرف من حديث أخرجه مسلم ولم يسق جميعه.
ولأحمد وأبي يعلى من حديث عبد الله بن عمرو: “بين يدي الساعة ثلاثون دجالا كذابا.“ وفي حديث علي عند أحمد ونحوه وفي حديث ابن مسعود عند الطبراني نحوه وفي حديث سمرة المصدر أوله بالكسوف وفيه “ولا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور الدجال.“ أخرجه أحمد والطبراني، وأصله عند الترمذي وصححه. وفي حديث ابن الزبير: “إن بين يدي الساعة ثلاثين كذابا منهم الأسود العنسي صاحب صنعاء وصاحب اليمامة” يعني مسيلمة.
قال ابن حجر: وخرج في زمن أبي بكر طليحة بن خويلد وادعى النبوة ثم تاب ورجع إلى الإسلام، وتنبأت أيضا سجاح ثم تزوجها مسيلمة ثم رجعت بعده، و قد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث لأحمد وأبي يعلى من حديث عبد الله بن عمرو ما يفعلونه، فقال:”ثلاثون كذابون أو أكثر قلت: ما آيتهم؟ قال: يأتونكم بسنة لم تكونوا عليها يغيرون بها سنتكم، فإذا رأيتموهم فاجتنبوهم.” وأما التحرير ففيما أخرجه أحمد عن حذيفة بسند جيد “سيكون في أمتي كذابون دجالون سبعة وعشرون منهم أربع نسوة، وإني خاتم النبيين لا نبي بعدي.”
قال ابن حجر في قوله صلى الله عليه وسلم: (كلهم يزعم أنه رسول الله).
ظاهر في أن كلا منهم يدعي النبوة، وهذا هو السر في قوله في آخر الحديث الماضي “وإني خاتم النبيين“ ويحتمل أن يكون الذين يدعون النبوة منهم ما ذكر من الثلاثين أو نحوها وأن من زاد على العدد المذكور يكون كذابا فقط لكن يدعو إلى الضلالة كغلاة الرافضة والباطنية وأهل الوحدة والحلولية وسائر الفرق الدعاة إلى ما يعلم بالضرورة أنه خلاف ما جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويؤيده أن في حديث علي عند أحمد “فقال علي لعبد الله بن الكواء: وإنك لمنهم“ وابن الكواء لم يدع النبوة وإنما كان يغلو في الرفض. ا.هـ
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل من ادعى النبوة، فقتل أحدهم في عهده، وقتل مسيلمة في عهد أبي بكر، قال ابن حجر في فتح الباري، والنووي في شرح مسلم أنه: ”قتل الأسود قبل أن يموت النبي صلى الله عليه وسلم وقتل مسيلمة في خلافة أبي بكر، وتاب طليحة ومات على الإسلام على الصحيح في خلافة عمر، ونقل أن سجاح أيضا تابت”، وقد جاء في الصحيحين من حديث ابن عباس، وقف النبى – صلى الله عليه وسلم – على مسيلمة فى أصحابه، فقال: « لو سألتنى هذه القطعة ما أعطيتكها، ولن تعدو أمر الله فيك، ولئن أدبرت ليعقرنك الله».
3- أن الإسلام حرم الردة وجعلها أكبر الكبائر، ولم يعترف أحد من المسلمين بمن ارتد في دولة الإسلام، بل كان شأنه إما أن يقتل إن كان يدعو للإلحاد أو كان يعزر،غير أنه لم يقل أحد: إنه يجوز الاعتراف بالكفر والإلحاد.
4- أن الاعتراف بهم يعني أنه يجب أن تكون لهم أماكن للعبادة وإظهار للشعائر وغيرها مما يترتب على الاعتراف، وإشاعة الكفر حرام شرعا.
وعدم الاعتراف بالبهائية كدين هو ما عليه فتاوى العلماء، “حيث أفتي الشيخ سليم البشري شيخ الأزهر – رحمه الله – بكفر ميرزا عباس زعيم البهائيين ونشرت هذه الفتوي في جريدة مصر الفتاة في 27 ديسمبر 1910 كما صدر حكم محكمة المحلة الكبري الشرعية في 30 يونيو 1946 بطلاق امرأة اعتنق زوجها البهائية باعتباره مرتدا، وأصدرت لجنة الفتوي بالأزهر في 23 سبتمبر 1947 وفي 3 سبتمبر 1949 فتويين بردة من يعتنق البهائية وصدرت فتاوى دار الإفتاء المصرية في 11 مارس 1936، وفي 25 مارس 1968 وفي 13 أبريل 1950 بأن البهائيين مرتدون عن الإسلام وأجابت أمانة مجمع البحوث الإسلامية علي استفسار نيابة أمن الدولة العليا عن حكم البهائية بأنها نحلة باطلة لخروجها علي الإسلام بدعوتها للإلحاد والكفر، وأن من يعتنقها يكون مرتدا عن الإسلام، وأكد الشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر – رحمه الله – أن البهائية فكر خليط من فلسفات وأديان متعددة ليس فيها جديد تحتاجه الأمة الإسلامية لإصلاح شأنها، بل إنها تعمل لخدمة الصهيونية والاستعمار، وأنها سليلة أفكار ابتليت بها الأمة الإسلامية حربا علي الإسلام، وأقر مجمع البحوث الإسلامية في عهده أن البهائية فرقة مرتدة عن الإسلام لا يجوز الإيمان بها ولا الاشتراك فيها ولا السماح لها بإنشاء جمعيات ومؤسسات لأنها تقوم علي عقيدة وتشريع غير ما أنزل الله وادعاء النبوة بل والألوهية.”
وقد ختم مجمع البحوث الإسلامية قراره في عهد الشيخ جاد الحق بقوله: والأزهر يقرر:
أن الإسلام لا يقر أي ديانة أخرى غير ما أمرنا القرآن باحترامه، فلا ينبغي، بل يمتنع أن تكون في مصر ديانة غير الإسلام ثم المسيحية واليهودية لأن كل ديانة أخرى غير مشروعة ومخالفة للنظام العام.
وأن الأزهر ليهيب بالمسئولين في جمهورية مصر العربية أن يقفوا بحزم ضد هذه الفئة الباغية على دين الله وعلى النظام العام لهذا المجتمع، وأن ينفذوا حكم الله عليها… القانون الذي يستأصلها ويهيل التراب عليها، وعلى أفكارها، حماية للمواطنين جميعا من التردي في هذه الأفكار المنحرفة عن صراط الله المستقيم.
إن هؤلاء الذين أجرموا في حق الإسلام والوطن يجب أن يختفوا من الحياة لا أن يجاهروا بالخروج على الإسلام.
إن الأمر جد يدعو إلى المسارعة النشيطة من السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية لأعمال شئونها ولنذكر دائما أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.
إن هذه الفتنة لم تحظ بالاهتمام المناسب مع أنها جريمة الجرائم ومن الكبائر فلنبادر إلى الدفاع عن حقوق الله التي تنتهك وتستباح، وعن دين الله الإسلام الذي يفتن الناس عنه بباطل من القول وزورا. وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم.
والله أعلم.
- د. مسعود صبري