العقيدةالفتاوى

حكم من قال: إني بريء من الإسلام

  • السؤال:
ما حكم من قال: أكون بريئا من الإسلام إن فعلت كذا، هل يكفر، وهل عليه كفارة أم ماذا؟

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فالحلف بالبراءة من الإسلام إثم كبير، وجرم عظيم، لأن فيه امتهانا لدين الإنسان، وبراءة منه، وتقليلا من شأنه، ودين الله تعالى أعظم من أن يتبرأ منه أحد، وهو دليل على ضعف إيمان القائل، وقلة حيائه من الله تعالى. فإن كان الإنسان يستعظم أن يتبرأ من صداقة محب، أو نسب دنيوي لأبيه أو عشيرته، فإن استعظامه للتبرؤ من دين أعظم قدرا.

ولا خلاف بين العلماء على حرمة إتيان مثل هذا الفعل، وأن صاحبه آثم عند الله، وأنه يجب عليه التوبة فورا، وأن يستغفر الله تعالى، وأن يعزم ألا يعود لمثل هذا اللفظ، وأن يعظم دين الله تعالى في قلبه.

 

  • وقد اختلف الفقهاء في إيجاب كفارة لمن حلف أنه بريء من ملة الإسلام على رأيين:

الأول: أنه لا تجب فيه الكفارة، وتجب فيه التوبة. وهذا مذهب الإمام مالك والشافعي وأبي عبيد والخطابي.

والثاني: تجب فيه التوبة والكفارة إن حنث في كلامه، وهو ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة والإمام أحمد بن حنبل، وحكاه الخطابي عن إبراهيم النخعي، وأصحاب الرأي والأوزاعي وسفيان الثوري وإسحاق بن راهويه، وحكى الشيخ تقي الدين عن الحنفية أن إيجابهم الكفارة إنما هو إذا تعلق بمستقبل فإن تعلق بماض فاختلفوا فيه.

و قال ابن المنذر: اختلف فيمن قال: أكفر بالله ونحوه إن فعلت ثم فعل، فقال ابن عباس وأبو هريرة وعطاء وقتادة وجمهور فقهاء الأمصار: لا كفارة عليه ولا يكون كافرا إلا إن أضمر ذلك بقلبه. وقال الأوزاعي والثوري والحنفية وأحمد وإسحاق هو يمين وعليه الكفارة. 

وقد روى الإمام أبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم عن بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [من حلف أنه بريء من الإسلام فإن كان كاذبا فهو كما قال وإن كان صادقا فلن يرجع إلى الإسلام سالما].

وقد فسر كثير من الشراح أن معنى لن يرجع إلى الإسلام سالما، أن يضعف إيمانه، لا أن يخرج عنه. ويرى بعض العلماء أنه إن أراد حقيقة الأمر، فقد ارتد عن الإسلام.

-قال الإمام النووي من علماء الشافعية:
يحرم أن يقول إن فعلت كذا فأنا يهودي أو نصراني أو نحو ذلك فإن قاله، وأراد حقيقة فعله وخروجه عن الإسلام بذلك صار كافرا في الحال، وجرت عليه أحكام المرتدين، وإن لم يرد ذلك لم يكفر لكنه ارتكب محرما فيجب عليه التوبة.
قال ابن الرفعة من علماء الشافعية: إنه معصية. انتهى

و فصل الإمام الشوكاني في المسألة، فبعد أن ساق اختلاف المذاهب في مسألة كفر من قال: إنه بريء من دين الإسلام إن فعل كذا، قال:
والتحقيق: التفصيل، فإن اعتقد تعظيم ما ذكر كفر، وإن قصد حقيقة التعليق فينظر، فإن كان أراد أن يكون متصفا بذلك كفر لأن إرادة الكفر كفر وإن أراد البعد عن ذلك لم يكفر.

والله أعلم. 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى