العاداتالفتاوى

ممارسة رياضة اليوجا

السؤال:

ما حكم ممارسة اليوجا، هل هي حرام؟

 

الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

 

بداية الناظر لشريعة الإسلام يرى أن المردود النفسي من رياضة اليوجا موجود بالفعل في بعض العبادات في الإسلام، كالصلاة، ففيها الطمأنينة النفسية، وفيها إذكاء للروح، وسمو للنفس، وبث روح الجماعة بين الناس، والتعاون والنظام وغير  ذلك من الفوائد الجمة للصلاة، والتي لا يقارن أي شيء آخر بها، بالإضافة إلى الثواب المرتب عليها، فضلا عن أنها فريضة على المسلم ولقاء بينه وبين ربه سبحانه وتعالى.

 

أما فيما يتعلق بممارسة رياضة اليوجا فلا يمكن لأحد أن ينكر الأصل لرياضة “اليوجا”، ذلك الأصل الهندي، وأن أول ممارستها لدى الهندوك هو نوع من العبادة حسب معتقداتهم، والتي ترجع إلى آلاف السنين، وهذا شيء يخالف عقيدة التوحيد، وهو حرام شرعا في شريعة الإسلام.

غير أن المتتبع لتاريخ هذه الرياضة يلحظ أنها انتشرت انتشارا كبيرا، ولم تقف عند حدود الهند ومن ينتمون إلى العقيدة الهندوكية، وهذا يعني تحول هذه الممارسات إلى رياضة بحتة يمارسها كثير من الناس على وجه الأرض، وانفصال الجانب العقدي منها عند كثير من الناس في ممارستها، وإن ارتبطت الرياضة بالجانب العقدي منها من حيث فلسفتها، لا من حيث ممارستها عند بعض الشعوب الممارسة كالمسلمين مثلا.

وهذه الرياضة تجمع بين الرياضة الجسدية والتي تحوي تمارين رياضية للجسد، مع الرياضة النفسية ومحاولة الاسترخاء بأخذ نفس عميق، ومحاولة التخيل، يعني أنها جزء من العلاج النفسي للإرهاق والأرق، بالإضافة إلى فوائد التمارين الرياضية، والتي تشترك فيها “اليوجا” مع غيرها من الرياضات الأخرى.

 ولا يمكن لنا أن نحصر “اليوجا” في أصل نشأتها، لأن تناقل الخبرات لدى بني البشر في كثير من الممارسات لا ينقل بكل أصله، بما في ذلك العقيدة والإيمان، وخاصة أن ” اليوجا” ليس عقيدة، ولكنها رياضة قام بها أصحاب عقيدة، ومثلت عندهم شيئا هاما، لكن انتقالها كان مفرغا عن المحتوى العقدي.

 

  • والحكم الشرعي لممارسة هذه الرياضة يمكن وصفه بما يلي:

أن من مارس اليوجا واعتقد أنها جزء من العقيدة التي تسمو بالروح والنفس، متمثلا في ذلك بالعقيدة الهندوكية، فممارستها حرام.

أما من مارس اليوجا كنوع من الرياضة البحتة، والتي لا دخل لها بالعقيدة، فيكون حكمها الإباحة، بناء على الأصل الذي عليه جمهور الفقهاء: أن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يرد النص بالتحريم، واستصحابا لنية الإنسان في عمله، والتي عليها مدار كثير من الأحكام، لقوله صلى الله عليه وسلم: “إنما الاعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى”.

كما أن هناك من الأمور التي ليس لها أصل في الإسلام، بل وجدت في عقائد غير عقيدة الإسلام، ولم تجمع  الأمة على حرمتها،بل يذهب جمهور الفقهاء إلى إباحتها، مثل “دبلة الخطوبة”، فهي عادة فرعونية ثم إغريقية، واهتم بها الإنجليز، ونسبت إلى النصارى وهم يجعلون للبسها في الخنصر من اليد اليسرى له ارتباط بالقلب،غير أن الناس تلبسها ولا تضع في أذهانها شيء من هذا، ومثل الختان الذي أوجبه الإسلام على الذكور، وجعله البعض مكرمة للنساء، فهو عادة وجدت أيام الفراعنة، والإسلام لم يجئ ليهدم كل ما كان عليه الناس، إلا أن يكون فيه شرك أو مخالفة صريحة لقواعده، بل ينظفها مما يشوبها حتى تكون وفق الشرع الحكيم، فقد جاء الإسلام ووجد العرب يحجون إلى البيت عرايا، وحوله الأصنام، فطهر العبادة من الشرك والوثن، وأبقى العبادة نقية خالصة لله رب العالمين.

كما أن الإسلام وجد ممارسات اجتماعية للناس مثل الزواج، وكان أنواعا كثيرة، فهدم كل الأنواع، وأبقى ما تعارف عليه الناس إلى اليوم من طلب الرجل الفتاة من أبيها وغير ذلك من ممارسات الشكل الاجتماعي في الزواج، والذي أبقى عليه السلام.

  • وبناء على كل ما سبق، لا يمكن القول بالحرمة على ممارسة اليوجا، إذا كانت تمارس كرياضية بدنية، لا علاقة لها بالعقيدة.

غير أن الناظر لشريعة الإسلام يرى أن المردود النفسي من رياضة اليوجا هو موجود بالفعل في بعض العبادات في الإسلام، كالصلاة، ففيها الطمأنينة النفسية، وفيها إذكاء للروح، وسمو للنفس، وبث روح الجماعة بين الناس، والتعاون والنظام وغير ذلك من الفوائد الجمة للصلاة، والتي لا يقارن أي شيء آخر بها، بالإضافة إلى الثواب المرتب عليها، فضلا عن أنها فريضة على المسلم ولقاء بينه وبين ربه سبحانه وتعالى.

والله أعلم.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى