التكنولوجيا والإعلامالعاداتالفتاوى

توزيع الجرائد ذات الصور الفاضحة

  • السؤال:
هل يجوز العمل كسائق في شركة توزيع الجرائد الإخبارية اليومية في بريطانيا و التي تحتوي في أكثر الأحيان على صور فاضحة؟

 

  • الجواب:

هذه المسألة فيها أمران متنازعان:

– الأول: توزيع الجرائد كعمل.
– الثاني: اشتمال الجرائد والمجلات على صور فاضحة.

 

  • أما توزيع الجرائد في حد ذاته كعمل،

لا بأس به، لأن هذه الجرائد تمثل الناحية التثقيفية للناس، والتي من خلالها يعرفون ما يدور في بلدهم وفي العالم كله، بل قد يصل الأمر إلى حد الوجوب من المعرفة أحيانا لبعض الأشخاص، في كونها وسيلة معرفة واطلاع، قد تتاح للبعض، وقد لا يتاح لهم غيرها من وسائل النشر والإعلام.

وينظر في طبيعة العمل بما يؤديه من وظيفة، فالوظيفة من حيث العموم لا بأس بها.

 

  • أما اشتمالها على الصور الفاضحة

والتي حرمها الله تعالى وحرم نشرها، فإن العمل من هذه الزاوية يعد تعاونا على نشر الرذيلة والصور الإباحية، وقد نهى الله تعالى عن إشاعة الفاحشة في المجتمع، ووعد من يخطط لها ويعمل على نشرها بالعذاب الأليم في الدنيا والآخرة.

ومن هنا، فقد اجتمع الحلال والحرام، وواجب على المسلم أن يحفظ دينه مما يشوبه، وألا يتنازل بشكل دائم عن دينه، فنحن لا نتنازل في أمور الدنيا، ولكن نجعل دائما الدين هو المطية التي يجب أن تتنازل عنها، ونفتح أبوابا كثيرا لتحويل المنهي عنه إلى أمر مباح شرعا، وإن كان الفقهاء يحرمون كل ما فيه فحش أو ضرر، ويبيحونه للضرورة،فيجب أن تقدر الضرورة بقدرها، وأن من ليس عنده ضرورة يجب ألا يدعي الضرورة، وإلا فقد ارتكب الحرام، ولو كان يخادع نفسه.

كما أن العمل ليس حكراً على بيع الجرائد فحسب، بل الأعمال في الدنيا واسعة كبيرة، فلماذا لا يلجأ الناس إلى الحلال الذي تطمئن إليه نفوسهم، وألا يقل الحفاظ على الدين على أي شيء له قيمة في حياة الناس، وألا نرخص ديننا من أجل دنيانا، وإن كان الله تعالى قد وسع علينا الأمر، ولم ينه عن العمل إلا ما كان فيه ضرر أو كان حراما، فمجال العمل الحلال واسع، فلماذا نضيع على أنفسنا، ونجعل أننا لن نعيش إلا من هذا الحرام،وهو المتاح أمامنا، ولا عمل غيره؟

يجب على المسلمين أن يحافظوا على دينهم، وأن يؤمنوا بقول ربهم: “وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًۭا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ۚ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُۥٓ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ بَـٰلِغُ أَمْرِهِۦ ۚ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَىْءٍۢ قَدْرًۭا”.

كما يجب عليهم ألا يكونوا أداة نشر للفساد، بل يجب عليهم أن يكون أداة إصلاح في مجتمعهم.

ومع كل هذا أقول لك: إن كنت ترى بصدق أنه لا عمل لك، وأنه لا دخل لك إلا من خلال هذا العمل، فأقل ما فيه أنه شبهة، لاشتماله على الحلال والحرام، وإن كنت أرى أن تبتعد عنه، وتبحث عن غيره، فإن الله تعالى جاعل لك مخرجا، لتركك الحرام، ولن تكون أكرم من الله تعالى.
والله أعلم.

 

  • د. مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى