- السؤال:
ما القراءة الشاذة، مع ضرب الأمثلة، وهل تجوز الصلاة بها؟ |
- الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
القراءة الشاذة هي القراءة التي خالفت ما هو متواتر ومجمع عليه من آي القرآن الكريم، ولا يجوز القراءة بالشاذ، لا في الصلاة، ولا خارجها، لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، ولكن يمكن الاستفادة منها في التوجيهات التفسيرية والفقهية واللغوية.
فالقراءة الشاذة ما نقل قرآنًا من غير تواتر واستفاضة، متلقاة بالقبول من الأئمة. أو ماعبر عنه بأنها ما دون القراءات العشر المتواترة التي قبلتها الأمة عن الأئمة العشرة.
وهذه القراءات العشر الراجح جواز قراءتها في الصلاة وغيرها. أما القراءات الشاذة، فقد اختلف الفقهاء في صحة القراءة بها في الصلاة، والذي عليه جمهور العلماء أن ذلك لا يجوز.
قال الإمام ابن تيمية: “وأما القراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني مثل قراءة ابن مسعود وأبى الدرداء رضى الله عنهما: “والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى“ كما قد ثبت ذلك في الصحيحين.
ومثل قراءة عبد الله: “فصيام ثلاثة أيام متتابعات”، وكقراءته “إن كانت الأزقية واحدة“ ونحو ذلك..
- فهذه إذا ثبتت عن بعض الصحابة فهل يجوز أن يقرأ بها في الصلاة؟
على قولين للعلماء هما روايتان مشهورتان عن الإمام أحمد، وروايتان عن مالك: إحداهما يجوز ذلك لأن الصحابة والتابعين كانوا يقرؤون بهذه الحروف في الصلاة، والثانية لا يجوز ذلك – وهو قول أكثر العلماء القراءات لأنهالم تثبت متواترة عن النبي، وإن ثبتت فإنها منسوخة بالعَرضة الآخرة.
فإنه قد ثبت في الصحاح عن عائشة وابن عباس رضى الله عنهم: أن جبريل عليه السلام كان يعارض النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن في كل عام مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين.
والعرضة الآخرة هي قراءة زيد بن ثابت وغيره، وهي التي أمر الخلفاء الراشدون: أبو بكر وعمر وعثمان وعلى بكتابتها في المصاحف، وكتبها أبو بكر وعمر في خلافة أبي بكر في صحف أمر زيد بن ثابت بكتابتها، ثم أمر عثمان في خلافته بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى الأمصار، وجمع الناس عليها باتفاق من الصحابة علي وغيره.
فهذا الذي ذكرته لك يدل على أن المسألة كان فيها خلاف، ولكن الذي أفتى به أكثر أهل العلم _ خاصة العلم بالقراءات _ وهم أهل الاختصاص _ هو المنع من ذلك، وقضوا بتحريمه، بل نقل ابن عبد البر الإجماع على المنع.
وقد نقل الإمام النووي في شرح المهذب عن أصحاب الشافعي فقال: “قال أصحابنا وغيرهم: لا تجوز القراءة في الصلاة ولا غيرها بالقراءة الشاذة؛ لأنها ليست قرآنًا؛ لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، والقراءة الشاذة ليست متواترة، ومن قال غيره فغالط أو جاهل. فلو خالف وقرأ بالشاذ أنكر عليه قراءتها في الصلاة وغيرها، وقد اتفق فقهاء بغداد على استتابة من قرأ بالشواذ. ونقل ابن عبد البر إجماع المسلمين على أنه لا تجوز القراءة بالشواذ، ولا يصلى خلف من يقرأ بها.
ومما سبق يتبين أن القراءة بالقراءات الشاذة لا تصح لا في الصلاة ولا في غيرها، وأن من فعل هذا عالمًا، عامدًا، يجب تعزيره، صيانة للقرآن الكريم، وتحقيقًا لحفظ الله تعالى له. هذا لو اعتقد قرآنيتها، أما إذا قرأها على أنها من تفسيرات الصحابة، للاستفادة منها في ترجيح الآراء الفقهية، أو في التفسير أو غيرها من العلوم الشرعية فلا مانع، ولكن المحظور إلباسها القرآنية.
والله أعلم
- د مسعود صبري