- السؤال:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته. أعلم أنني أخطأت خطأ كبير وأنني والله ندمت عليه ولا أريد العوده إليه مرة أخرى وأنني أستغفر الله عليه كثيرا راجيه منه العفو والمغفرة.. أنا فتاة أبلغ من العمر 32 عاما ومنذ 5 سنوات تعرفت على رجل متزوج وله أبناء ومقيم في بلد اخر وهو من جنسية أخرى أيضا، ووعدني بالزواج حينما تتحسن ظروفه في بلده. تطورت علاقتنا على مدى السنوات الماضية وكانت كعلاقة الأزواج تماما، كان كلما أتى إلي بلدي تقابلنا ومارسنا حياتنا ثم يسافر وهكذا حتى السنة الماضية. فقد قررنا أن نتزوج عرفيا فقمنا بكتابه ورقه بيننا ووقعنا عليها ثم أخذها كي يوقع الشهود وبالفعل وقعوا ولكن كل شاهد وقع منفصلا وهم لا يعرفونني شخصيا ولكن قبل أن يوقعوا كنا نمارس ما بيننا كالسابق تماما.. سؤالي هو: 1- هل هذا العقد صحيح شرعا مع العلم أننا لم نقول الصيغة الشرعية (زوجتك نفسي…)؟ 2- هل لي طلاق وعدة مثل الزواج الشرعي المعلن؟ 3- هل يلزم شهادة الشهود لكتابة العقد وأن يوقعوا مجتمعين؟ 4- إذا أردت أن أتزوج منه زواج معلن هل يطلقني أولا أم نتزوج هكذا؟ 5- في حالة زواجي من شخص اخر هل أخبره بهذا الزواج السري أم ماذا؟ أرجو الإجابة سريعا وعدم إهمال رسالتى لأنني حائرة جدا ولا أعرف ماذا أفعل. وأرجو من سيادتكم الدعاء لي بأن يتقبل الله توبتي. والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته |
- الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقد خلق الله تعالى الإنسان، وجعله جسدا وروحا، ونظم الإسلام هذه الحياة، وطلب فيه التوازن، فلا يغطى جانب الروح على الجسد، ولا الجسد على الروح.
ومن عجائب الإنسان أن يغالط الإنسان نفسه، فأنت تعرفت على هذا الرجل، مع اختلاف الجنسية والبلد، ووعدك بالزواج، فهل رأيت منه صدق نيته لهذا الزواج، أم أن هذا كان ستارا لقيامكما بإتيان الفاحشة التي حرمها الله تعالى، و جرم فعلها، وحذر من طرق أبوابها، حين قال: {وَلَا تَقْرَبُوا۟ ٱلزِّنَىٰٓ ۖ إِنَّهُۥ كَانَ فَـٰحِشَةًۭ وَسَآءَ سَبِيلًۭا}. ثم ألمجرد كلمة قد تكون زائفة، تسلم المسلمة نفسها، وتضيع شرفها؟ وما الذي منعه من الزواج منك قبل أن تمارسا ما مارستماه معا؟
ثم لتحسين الوجه، تقولان إنكما كتبتما ورقة، وأخذها ليشهد عليها شهودا، وما يغير ذلك من كون الفعل محرما، فما زال هو زنى، يمارس بمباركة من الشيطان.
فتوقيع الشهود لا عبرة له، لأن المقصود أن يكون هناك عقد يشهد عليه الناس، ويشهر أمامهم أن فلانا تزوج فلانة، وهي زوجته أمام المجتمع.
وقد خلا العقد من ولي، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل.” فلا الولي كان موجودا، ولا يعرف الشهود العدول، وعليه، فإن العلاقة بينكما هي علاقة محرمة، والعقد الذي كتب حبر على ورق.
وما دام الأمر كذلك، فليس هناك طلاق، لأنه لم يتم زواج من أساسه، وقد جعل الله تعالى الزواج لمن تزوج زواجا عرفيا، وقد سماه الله تعالى “ميثاقا غليظا”، وما حدث هو أمر هين لا قيمة له في دين الله تعالى.
أما إذا أراد هذا الرجل أن يتزوج منك، فلابد بداية من التوبة إلى الله تعالى، وأن تستأنفا حياة جديدة، وأن يتقدم إلى وليك، فيخطبك منه، فإن لم يكن هناك ولي، فيجب في العقد إيجاب وقبول وشهود وتوثيق مع دفع المهر لك.
والواجب عليك أيتها الأخت السائلة أن تستشعري أنك مسلمة، لك دين تلتزمين به أمام الله تعالى، فأحسني التوبة إلى الله، وعودي إليه، بترك هذه المتعة المحرمة التي يندم إليها المرء في حياته وبعد مماته.
وإذا تقدم إليك غيره، وأراد الزواج منك، فإنه من حقه أن يعرف أنك لست بكرا، لأن الفقهاء حكموا بفسخ الزواج إن تزوج امرأة على أنها بكر، فبدت ثيبا. وأعلميه بتوبتك إلى الله تعالى، فإن قبل الزواج منك، فاجعليه كل حياتك، واطرحي عنك ماضيك المليء بالذنوب والمعاصي، وكفري عن ذلك بكثرة الأعمال الصالحة وحسن العشرة للزوج، وقطع الصلة تماما بهذا الرجل.
وإن كان أحب إلى النفس أن تتزوجا إن كان هناك سبيل إلى هذا، فهو أستر لك، وكلاكما يعرف الآخر، فإن الله تعالى يحب توبة التائبين إليه، وهو سبحانه يبسط يده بالليل، ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.
ونسأل لنا ولكما الهداية والتوفيق.
والله أعلم
- د مسعود صبري