الصلاةالعبادةالفتاوى

الصلاة منفردا مع وجود الجماعة

  • السؤال:
دخلت المسجد، فوجدت الجماعة الأولى قد انتهت من الصلاة، وأقيمت جماعة ثانية، غير أني أحببت أن أصلي وحدي، فهل يجوز لي ترك صلاة الجماعة في مثل هذه الحالة؟

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

فصلاة الجماعة من شعائر الإسلام التي حرص عليها، وجاءت أحاديث كثيرة توضح فضلها، من ذلك ما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة.]

وحث على الصلاة في أول الوقت، وحين سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال وأحبها إلى الله، فقال صلى الله عليه وسلم: ”الصلاة على وقتها”، وكلما بادر الإنسان بالصلاة كان أولى.

فإذا لم يلحق الإنسان الجماعة الأولى، جاز لمن فاتته أن يصلي في جماعة أخرى، وما نقل عن الإمام الشافعي والإمام مالك من النهي عن إقامة جماعتين في مسجد واحد، يحمل على أن يكون ذلك من البداية، وذلك أن يفكر الناس أن ينشئوا جماعتين، كما يحمل على أن يكون القصد من ذلك تفرقة المسلمين، أو يستقل كل إنسان بجماعة، فلو كان الغرض من الصلاة في جماعة في غير الجماعة الأولى، لكان منهيا عنه، لأنه يخالف حكمة إقامة الجماعة.

  • أما أن يدخل الإنسان فيرى جماعة تصلي، وينفرد هو بالصلاة وحده، فلا يجوز، وذلك لما يلي:

الأول:

أن صلاة الجماعة سنة مؤكدة عند جمهور الفقهاء، وذهب بعض الفقهاء إلى أنها واجبة وجوبا عينيا، وقد بوب الإمام البخاري في صحيحه بابا سماه (باب وجوب صلاة الجماعة).
وممن قال بأن الجماعة فرض عين عطاء والأوزاعي وإسحاق وأحمد وأبو ثور وابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان والظاهرية.
ومن الفقهاء الذين قالوا بأنها فرض عين من يرى أن الجماعة شرط للصلاة، ومنهم من جعلها فرضا غير شرط.
فكان ترك الجماعة في مثل هذه الحالة لا مسوغ له شرعا.
ومن الفقهاء من رأى أنها فرض كفاية، وذهب إليه كثير من فقهاء الشافعية والمالكية.
والقول بوجوبها عند كثير من العلماء – وإن لم يكن راجحا – إلا أنه يعضد عدم جواز الصلاة منفردا مع وجود جماعة مقامة.
كما أن بعض الفقهاء يسوي بين الجماعات في الصلاة، لأن ظواهر الحديث أتت دون تحديد.

الثاني:

أن بعض الفقهاء يرى أن صلاة المأموم منفردا مع الجماعة تبطل صلاته، فكان القول بعدم جواز انفراده بالصلاة عنهم أولى بالنهي.

الثالث:

أن الفقهاء تحدثوا عن أسباب التخلف عن الجماعة في مثل حالات المطر أو الخوف أو الظلمة، فلم يكن في ترك صلاة الجماعة المقامة أمام عين المصلي عذرا لتركها.

الرابع:

أن في ترك صلاة الجماعة في المسجد، مع كون الجماعة مقامة مخالفة لمقصود الشارع من إقامة الجماعة، والالتزام في الصف المسلم، وتعلم الفرد أنه عضو ينتظم في سلك الجماعة الكبرى، مع ما في ذلك من التواضع لله، ثم لخلق الله، والالتئام الروحي بين المسلمين، وغير ذلك من مقصود الجماعة في الصلاة.

ومن خلال ما سبق، فلا يجوز ترك صلاة الجماعة، وأن يصلي الإنسان منفردا في وقت إقامة الجماعة.

والله أعلم

 

  • د مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى