الأسرةالطلاقالفتاوى

قول الرجل لزوجته أنت علي كظهر أختي

  • السؤال:
إذا قال الرجل لزوجته: ”أنت علي كظهر ابنتي أو أختي”، فهل يعد هذا ظهارا؟

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

إذا قال الرجل لامرأته أنت علي كظهر أمي، فهذا ظهار بإجماع العلماء.

وقد جاء النص على الأم في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَراً مِّنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ.}

قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن تصريح الظهار أن يقول: أنت علي كظهر أمي. انتهى

وفي حديث خولة امرأة أوس بن الصامت أنه قال لها: أنت علي كظهر أمي، كما ورد اللفظ بذلك في صحيح البخاري.

 

  • وقال الإمام ابن حجر في فتح الباري:

وعند الطبراني كانت خولة بنت ثعلبة تحت أوس بن الصامت فقال لها أنت علي كظهر أمي، وعند ابن مردويه من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن أنس أن أوس بن الصامت تظاهر من امرأته خولة بنت ثعلبة، وعنده أيضا من مرسل أبي العالية: “كانت خولة بنت دليح تحت رجل من الأنصار سيئ الخلق فنازعته في شيء فقال: أنت علي كظهر أمي.” انتهى

  • وإذا قال الرجل لزوجته: أنت علي كظهر أختي أو ابنتي أو عمتي أو خالتي فهو ظهار عند جمهور الفقهاء.

ويرى الشافعي في قول له في مذهبه القديم أن الظهار لا يكون إلا بقول الرجل أنت علي كظهر أمي، وهو قول مرجوح.

 

  • قال الإمام ابن قدامة الحنبلي:

الضرب الثاني من الظهار أن يشبهها بظهر من تحرم عليه من ذوي رحمه، كجدته وعمته وخالته وأخته. فهذا ظهار في قول أكثر أهل العلم; منهم الحسن، وعطاء، وجابر بن زيد، والشعبي، والنخعي، والزهري، والثوري، والأوزاعي، ومالك، وإسحاق، وأبو عبيد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وهو جديد قولي الشافعي. وقال في القديم: لا يكون الظهار إلا بأم أو جدة; لأنها أم أيضا، لأن اللفظ الذي ورد به القرآن مختص بالأم، فإذا عدل عنه، لم يتعلق به ما أوجبه الله تعالى فيه. ولنا أنهن محرمات بالقرابة، فأشبهن الأم. انتهى

 

  • وقال الإمام ابن حجر العسقلاني في كتاب الطلاق باب الظهار:

واختلف فيما إذا لم يعين الأم كأن قال: كظهر أختي مثلا فعن الشافعي في القديم لا يكون ظهارا بل يختص بالأم كما ورد في القرآن، وكذا في حديث خولة التي ظاهر منها أوس. وقال في الجديد: يكون ظهارا، وهو قول الجمهور.

وقال ابن حجر أيضا:

ويقع الظهار بكل لفظ يدل على تحريم الزوجة لكن بشرط اقترانه بالنية، وتجب الكفارة على قائله كما قال الله تعالى، لكن بشرط العود عند الجمهور وعند الثوري، وروى عن مجاهد: تجب الكفارة بمجرد الظهار.انتهى

وعليه، فإن قول الرجل لامرأته: أنت علي كظهر ابنتي أو أختي، يكون ظهارا، ويجب فيه الكفارة، لأنه لما كانت الأم محرمة على التأبيد، فإن الأخت والبنت وكذلك العمة والخالة لا يختلفن عن الأم في النكاح. وقد ذكر الرجل الظهر في قوله: أنت علي كظهر ابنتي أو أختي، فلا يفرق بين أن يكون ظهر أم أو ظهر بنت، فإن كانت الأم محرمة، فكذلك البنت والأخت والعمة والخالة، وذلك بالنظر إلى علة الحكم، وهو تشبيه الزوجة بواحدة من المحارم، والاقتصار على الأم لا دليل عليه، ولا يقوم ذكر الأم دليلا على حصر الظهار بتشبيه الزوجة بها، لأنها حادثة عين.

والواجب عليه كفارة، وهي صيام شهرين متتابعين، فإن أفطر في يوم بلا عذر، وجب عليه استئناف الصوم، وإن كان مريضا مرضا يتضرر به من الصيام، وكان ذلك بقول طبيب ثقة، فإنه ينتقل إلى الأمر الآخر من الكفارة، وهو إطعام ستين مسكينا، لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ. فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ.}

والله أعلم

  • د مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى