العاداتالفتاوى

حلقة القزع تقليدا لشباب المسلمين

  • السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فإنني شاب في العشرين من عمري وأقوم بقص شعري بما يمكن تسميته ”بالقصات الحديثة” لا تشبها بالكفار ولكنني أختار ما يناسب شكلي من قصات مما هو سائد بين أقراني من شباب المجتمع، على أن لا يكون مبالغا فيه أو غريبا لافتا للنظر، فما حكم هذه القصات؟

وما حكمها إن ظهرت قصات جديدة بعدها وبقينا على القصات القديمة، كما أني أحاول أن أحلق شعري كله بأن أقصره (ولكن بدرجات متفاوتة من الطول) وألا أحلقه كاملا في موضع (بكامله من أسفل مثلا ) وأحلقه بحيث يكون أطول في موضع آخر (من أعلى مثلا).

وما حكم اتباع الموضات الدرجة في مثل هذه الأمور دونما تتبع لها عند الكفار، و لكن العمل بها عند وجودها في المجتمع المسلم.

 

  • الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

اتفق الفقهاء على أن القزع مكروه كراهة تنزيهية، والقزع هو أن يحلق الإنسان بعض رأسه في منطقة واحدة من الرأس، أو يحلق أجزاء متعددة من رأسه، مع ترك البعض.

وفسر الإمام البخاري القزع بحلق الشعر من عند الناصية، ومن جانبي الرأس، مع ترك الباقي.

وقد جاءت الأحاديث النبوية ناهية عن ذلك:

فقد أخرج الشيخان البخاري ومسلم عن نافع عن ابن عمر قال: [نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع، فقيل لنافع: ما القزع؟ قال: أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك بعض].

وفي سنن أبي داود أن الحجاج بن حسان قال: ”دخلنا على أنس بن مالك فحدثتني أختي المغيرة قالت: وأنت يومئذ غلام ولك قرنان أو قصتان فمسح رأسك وبرك عليك، وقال احلقوا هذين أو قصوهما فإن هذا زي اليهود.”

وعن ابن عمر: [أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه فنهاهم عن ذلك، وقال: احلقوا كله أو ذروا كله.] رواه أحمد وأبو داود والنسائي بإسناد صحيح.

 

  • واختلف العلماء في علة النهي عن القزع، على النحو التالي:

1- قيل: لأنه يشوه الخلقة، ويغير شكل الإنسان على نحو غيرمحمود.
2- وقيل: لأن القزع زي الشيطان.
3- وقيل: لأنه زي اليهود.
4- وقيل: زي أهل الشر والسوء.

وهذه العلل التي ذكرها العلماء هي من باب الاجتهاد، وكذلك للنظر في أهل الزمان، وربما يجتمع معنا في عصرنا أن القزع أصبح شعارا لكثير من أهل الشر والفسوق، مع كونه تغييرا للخلقة، وهذا شيء ثابت، ولكن كونه زي اليهود أو زي الشيطان غير مسلم به.

وهناك بعد آخر ذكرته في سؤالك، وهو أنك لا تفعل هذا تشبها بالكفار، والبعد عن التشبه بالكفار أمر محمود لك، فيما يخصهم من ثيابهم التي تدل على العقيدة، أو شيء من مناسكهم الدينية.

ولكن تبريرك بأنك تفعل القزع لأنه انتشر بين شباب المسلمين، فليس انتشار الفعل دليلا على صحته، أو يكون داعيا إلى اعتماده في حياة الإنسان. فكم من الشر انتشر في بلاد المسلمين، ولم يكن ذلك سببا لأن يكون مباحا.

وقد حذر الشرع الحكيم أن يكون الإنسان المسلم تابعا للشر، فعن حُذيفةَ قال:

قالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم: [لا تَكونوا إمَّعَةً تقُولونَ إنْ أحسَنَ النَّاسُ أحسناً وإنْ ظَلَموا ظَلَمنا ولكنْ وطِّنُوا أنفُسكُم إنْ أحسَنَ النَّاسُ أن تُحسنُوا وإنْ أسَاءوا فلا تَظلِموا]. رواه الترمذي

قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه -: لا يكون أحدكم إمعة قالوا وما الإمعة يا أبا عبد الرحمن قال يقول إنما أنا مع الناس إن اهتدوا اهتديت وإن ضلوا ضللت ألا ليوطن أحدكم نفسه على أن كفر الناس أن لا يكفر. رواه الطبراني.

وقال ابن مسعود أيضا: لا يتبعن أحدكم دينه رجلا، إن آمن آمن، وإن كفر كفر، فإنه لا أسوة في الشر.

ثم إن الإسلام يدعو إلى أن يكون للمسلم شخصية متميزة، لا أن يكون تابعا للغير، بل يتخير من الغير ما ينفعه، ولا يضره، وأن يبتعد عن كل ما يجعله مسخا.

روى البخاري عن أبي سعيد رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه]. قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: (فمن).

والمقصود من الحديث شدة الموافقة لهم في عاداتهم، رغم ما فيها من سوء وشر، ومعصية لله تعالى ومخالفة لشرعه.
والواقع الذي يعيشه الناس يصدق كلام النبي صلى الله عليه وسلم، فكثير من الشباب لا هم لهم إلا أن يقلدوا غير المسلمين في عاداتهم السيئة، ومع كون غير المسلمين عندهم من الخير النافع، ولكن كثير من الشباب لا ينظر إلى خيرهم، ولكن يولي شطره تجاه شرهم، في هيئة الملبس، وطريقة المأكل، و تسريحة الشعر، والحلق وغير ذلك، مما يوحي بالتبعية العمياء، لا الاستفادة النافعة.

والله أعلم

 

  • د مسعود صبري

هل كانت المقال مفيداً ؟
نعملا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى